القوة العسكرية المشتركة.. مسار أمريكي جديد لإضعاف ليبيا

القوة العسكرية المشتركة.. مسار أمريكي جديد لإضعاف ليبيا

تاريخ النشر : 12:11 - 2025/04/27


شهدت ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 حالة من الانقسام المؤسساتي، خاصة في الجيش والأجهزة الأمنية، حيث توزعت الولاءات بين حكومتين وقيادتين عسكريتين متنافستين.واليوم هناك حكومة في الشرق مدعومة من برلمان طبرق المدعوم من الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، والأخرى في طرابلس، مدعومة غربياً، ويضم جيشها فصائل مسلحة متنوعة.
ظهرت الدعوات منذ سنوات لتوحيد الجيش الليبي كأحد الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار، لكن التحديات السياسية والأمنية أعاقت هذه الجهود. حيث أنه وبعد الهجوم على طرابلس عام 2019 وتصاعد الصراع، ازدادت الضغوط الدولية والإقليمية لإيجاد حل سياسي وعسكري موحد، بعد وقف اطلاق النار، إلا أنه لم يرى النور الى الآن.
فيما يواصل المجلس الرئاسي الليبي دفع جهود توحيد المؤسسة العسكرية، حيث ناقش مؤخراً مع قيادات وزارة الدفاع ورئيس الأركان تشكيل "القوة العسكرية المشتركة"، في حين التقى المشير خليفة حفتر وفداً إيطالياً لبحث التطورات السياسية والعسكرية. وأكد المجلس الرئاسي على أهمية التوزيع الجغرافي المتوازن لهذه القوة لضمان تغطية أمنية شاملة، مع التركيز على تعزيز الانضباط والجاهزية.
من جانبها، تدعم البعثة الأممية بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا مساعي تشكيل قوة عسكرية موحدة، حيث شددت المبعوثة الأممية هانا تيتيه على أن توحيد الجيش يظل أولوية لأي عملية سياسية ناجحة. كما شهدت ليبيا زيارة عسكرية أمريكية رفيعة المستوى عبر رسو البارجة الحربية "ماونت ويتني"، على شواطئ ليبيا، حيث أكد المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند على دعم بلاده لوحدة ليبيا واستقرارها. 
وسبق وأن كشف مصدر عسكري مقرب من لجنة 5+5 العسكرية الليبية المشتركة عن مناقشة الوفد الأمريكي مع اللجنة العمل على بناء قوّة عسكرية أمنية مشتركة من غرب وشرق البلاد، في العام الجاري. وأشار الى أن المشروع ناقشه مسؤولون أمريكيون عدة مرات في طرابلس وبنغازي، كما ناقشه الوفد العسكري البريطاني في زيارته الأخيرة الى طرابلس وبنغازي.
فيما يرى الخبراء أن تشكيل قوة مشتركة بين الشرق والغرب والجنوب هو استكمال للمسار الأمريكي الهادف للحد من النفوذ الروسي الذي يشكل خطرا على مصالح الدول الغربية في ليبيا وعلى رأسهم أمريكا. وبأن الغرب يرى في ليبيا مصدراً مهماً للطاقة يريد الإستحواذ عليه، دون الأخذ في الإعتبار مصالح الليبيين، والدليل على ذلك هو وضع العصي الغربية في عجلات الحل السياسي الليبي طوال هذه السنوات.     
ويعتبر الخبير والباحث الليبي الدكتور حامد عارف ، أن المشروع الأمريكي القائم على إنشاء قوة مشتركة يهدف إلى إضعاف المشير خليفة حفتر وقادة الجيش الوطني في الشرق، عبر دمجهم في هيكل عسكري موحد تخضع إدارته لسيطرة واشنطن من خلال قيادة "أفريكوم". فواشنطن تدرك أهمية عدم الإبقاء على قوة واحدة مستقلة قادرة على تحقيق الإستقرار في ليبيا.
وسيطرة الأفريكوم على هذه القوة الخاضعة بعد القضاء على حفتر، تساوي في معناها وجود ميليشيات مسلحة متحاربة فيما بينها، وبالتالي الإبقاء على الخلل والفراغ الأمني متواصلاً في البلاد. فيما يدعم الكافي فرضيته بتقرير أممي يتهم نجل حفتر، صدام، بتهريب نفط ليبي بقيمة 600 مليون دولار، مما يشكل ورقة ضغط أمريكية ضد العائلة. ناهيك عن الضغوط الأخرى التي تمارس على العائلة بين الفينة والأخرى كالقضية المرفوعة ضد الأب في ولاية فرجينيا الأمريكية، والتي لم تُغلق الى الآن. 
وعن التقارب التركي الحليف لحكومة الغرب الليبي مع صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية التابعة للجيش الوطني، بعد زيارة الأخير لأنقرة، أفاد الدكتور عارف  أنه أيضاً يأتي ضمن المشروع الأمريكي السابق. فتركيا لها مصالح في ليبيا، وهي عضوة في حلف الناتو، ومن الطبيعي أن تتوازن مصالحها مع المصالح الأمريكية في المنطقة.  
ويرى عارف أن توحيد الجيش ومؤسسات الدولة الليبية خطوة طبيعية نحو الإستقرار السياسي، إلا أن هذه العملية يجب أن تتم في سياق ليبي – ليبي صرف، بعيداً عن المخططات والأجندات الأجنبية كالذي يحدث في الوقت الراهن. وأكد على ضرورة وضع الليبيين لخلافاتهم جانباً والعودة الى طاولة الإتفاق السياسي والعمل على تطبيق مخرجاته ورفع مصلحة الوطن والمواطن الى المقام الأول.
وحذر من وجود العديد من القوى السياسية على الساحة السياسية حالياً، والتي فُرضت على الليبيين وهي تحقق مصالح الغرب وتمارس نفاقها السياسي بناءً على مصالح شخصية ومنفعة، وشدد على أهمية إقصائها وإستبدالها بشخصيات وطنية.
يُشار الى أنه في 2020، تشكلت لجنة عسكرية مشتركة (5 ضباط من الشرق و5 من الغرب) لوضع خطة لتوحيد الجيش تحت قيادة موحدة، وتم الاتفاق على عدة نقاط، مثل إعادة انتشار القوات وفتح الطرق الرئيسية، لكن التطبيق العملي بقي محدودًا. كما أن مؤتمربرلين (2020-2021) أكد على ضرورة خروج المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية، لكن التعهدات لم تترجم إلى إجراءات ملموسة، بفعل عوامل ضغط خارجية.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

كشفت مصادر مطلعة، الجمعة، أنه من المتوقع الإعلان عن هيئة دولية لإدارة قطاع غزة قبل نهاية العام ال
10:10 - 2025/12/06
فرضت أستراليا، اليوم السبت، عقوبات مالية وحظر سفر على 4 مسؤولين في حكومة أفغانستان بسبب ما قالت إ
09:15 - 2025/12/06
كشفت الحكومة الكندية، الجمعة، أنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب، وحذفت
07:45 - 2025/12/06
تبادلت باكستان وأفغانستان إطلاق نار كثيف بمنطقة حدودية في وقت متأخر من مساء الجمعة، وفق ما نقلت ر
07:31 - 2025/12/06
 تعتبر الوثيقة المتعلقة بالإستراتيجية الأمريكية للأمن القومي من أهم الوثائق في الإدارة الأمريكية
07:00 - 2025/12/06
وقّع مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي اتفاقا أوليا بشأن لائحة حول التخلي التدريجي عن استي
07:00 - 2025/12/06
قالت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إن سلطات الهجرة ألقت القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامع
11:24 - 2025/12/05
في لفتة غير معتادة، كسر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي البروتوكول الرسمي واستقبل الرئيس الروسي
09:25 - 2025/12/05