مع الشروق .. السودان على أبواب كارثة انسانية

مع الشروق .. السودان على أبواب كارثة انسانية

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/03/15

بعد صدور قانون بطاقة التعريف البيومترية وقانون جواز السفر البيومتري، يمكن القول إن تونس قطعت خطوة هامة نحو الرقمنة والاعتماد على التكنولوجيات الحديثة في إدارة الشأن العام وفي سبيل الالتحاق بمصاف الدول المتقدمة التي تعتمد هذه الوثائق الرقمية وغيرها من أساليب التكنولوجيات الحديثة منذ سنوات. غير ان هذه الخطوة ستظل غير مكتملة وقد لا تتحقق منها الفائدة المرجوة إذا لم يقع تعميمها على مختلف المجالات التي تهم الشأن العام ومعيشة الناس، وعلى مختلف مصالح الدولة وفي مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة وبالنسبة لمختلف القطاعات الاقتصادية كالتجارة والسياحة والفلاحة والمهن الحرة وغيرها وفي قطاعات الثقافة والرياضة..
وتحتاج تونس اليوم الى تعميم الرقمنة والتطوير التكنولوجي بالنسبة لمختلف وثائق الحالة المدنية والوثائق الإدارية.. فمن غير المعقول أن يضطر التونسي، ونحن نطوي الرّبع الأول من القرن 21، للوقوف في طوابير طويلة من أجل التعريف بإمضاء على وثيقة أو من أجل الحصول على نسخة مطابقة للأصل لوثيقة أخرى أو من أجل استخراج مضمون ولادة.. إذ يكفي ان تكون كل الإدارات مرتبطة رقميا ببعضها البعض حتى تتبادل الوثائق الالكترونية في ما بينها ولا تطلب من المواطن أن يحضرها بنفسه. وفي بعض الدول ، يكتفي المواطن فقط بجهاز الهاتف الجوال لقضاء مختلف الشؤون الإدارية والمالية دون الحاجة الى حمل اية وثيقة او أموال..    
والرقمنة مطلوبة اليوم أيضا بالنسبة الى مختلف الشؤون التي تهم المواطن على غرار التعليم والصحة والنقل والخدمات العمومية المختلفة. فمن غير المقبول أن تكون أغلب المدارس والمعاهد غير مرتبطة بالانترنات ذات التدفق العالي وغير مجهزة بالحواسيب، ومن المؤسف ان تونس لا تعتمد اليوم الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة بالنسبة الى الدروس المقدمة للتلاميذ. ولا يمكن تطوير قطاع الصحة العمومية إذا لم يقع اعتماد الحلول الرقمية الحديثة لإدارة العلاقة بين المواطن والمستشفيات ولتشديد المراقبة تجاه الاخلالات والتجاوزات داخل المستشفيات. فمن غير المعقول تحميل المرضى او مرافقيهم أعباء وأتعاب إضافية للتسجيل او لاستخراج وثائق ورقية وما يتطلبه ذلك من طول انتظار في طوابير طويلة داخل المستشفيات.. وهو ما ينطبق أيضا على قطاع النقل الذي مازال بعيدا كل البعد في تونس عن الرقمنة والتكنولوجيات المعمول بها اليوم في كل الدول لفرض احترام التوقيت وتحميل المسؤولية في صورة حصول تجاوزات أو تقصير.
وتبقى الحاجة الأبرز للرقمنة تلك المرتبطة بمكافحة الفساد وسوء التصرف ومحاربة مختلف مظاهر التحيل والرشوة والإضرار بالملك العام وإهدار المال العام. فقد كشفت التجربة ان كثرة البيروقراطية وتكرّر المطالبة بالوثائق الورقية تُمهّد الطريق امام كل أشكال الفساد والرشوة، بينما الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة تغلق هذا الباب تماما لأن كل الخدمات المسداة ستكون آلية أوتوماتيكية دون أي وساطة من شأنها ان تفتح الباب أمام أحد مظاهر الفساد.. وهذا دون الحديث عن مزايا الرقمنة في محاربة التهرب الجبائي وبالتالي توفير موارد إضافية للدولة، والحاجة اليها أيضا لتنظيم ومراقبة مسالك توزيع السلع التي أصبحت اليوم خاضعة للمضاربة والاحتكار، وكذلك للتقليص من التكاليف داخل الإدارات من خلال التخلص من نفقات الورق والحبر، وربح الوقت للمواطن وللإدارة، وعموما لتسهيل حياة الناس وتحقيق قيمة مضافة لمختلف الأنشطة المقدمة وتحسين صورة البلاد .
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك