مع الشروق .. قضية المهاجرين: ماذا بعد صفاقس؟

مع الشروق .. قضية المهاجرين: ماذا بعد صفاقس؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/07/07

رغم ما تردد في اليومين الأخيرين حول مغادرة عدد كبير من المهاجرين القادمين من دول افريقية جنوب الصحراء مدينة صفاقس، إلا أن هذه " الأزمة" تبدو مرشحة لمزيد من التطورات في ظل تواصل الغموض حول الوجهة القادمة لهؤلاء وحول الطريقة التي ستتعاطى بها الدولة مع الملف وخاصة الغموض حول كيفية دخول المعنيين بالأمر الى بلادنا بطريقة غير نظامية.
لم تُفصح السلطات المعنية إلى حد الآن عن كل الحقائق المحيطة بهذا الملف بدءا بطريقة وظروف دخول هؤلاء المهاجرين إلى تراب الوطن بطريقة غير نظامية مرورا بالتسهيلات التي وجدوها من قبل بعض الأطراف وصولا إلى الحلول التي سيقع تفعيلها مستقبلا. وهو أمر غير مقبول لدى الرأي العام الذي من حقه أن يطلع على الحقيقة والمطالبة بتحميل المسؤوليات خاصة في صورة ثبوت وجود شبهات انشطة اجرامية دولية او غيرها وراء الأزمة .
وباستثناء ما ذكره رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه مؤخرا بوزير الداخلية وعدد من القيادات الأمنية حول وجود عديد القرائن الدالة على أن هذا الوضع "غير طبيعي" وفيه استهداف للسلم الأهلية في تونس، لم تكشف السلطات المعنية عن اللغز الحقيقي لهذه الأزمة ولا عن مآلاتها مستقبلا خاصة في ظل تواصل مغادرة عدد كبير منهم مدينة صفاقس نحو وجهات غير معلومة مع تواصل تدفق البعض الآخر عبر المنافذ الحدودية وغيرها.
وقد فسح هذا الغموض المجال أمام عديد الروايات التي ذهب بعضها حدّ اتهام بلادنا بالتواطؤ مع جهات أجنبية لتحويل تونس إلى مستقر لهؤلاء المهاجرين غير النظاميين بعد منعهم من الابحار خلسة نحو أوروبا. وذهب البعض الآخر إلى القول أن تونس ستحصل مقابل ذلك على دعم مالي. كما دار حديث حول تعمد دول شقيقة دفع هؤلاء للدخول إلى بلادنا بغاية التخلص من تواجدهم على اراضيها..
وبمناسبة شروع هؤلاء المهاجرين في مغادرة مدينة صفاقس أصبحت تروج روايات أخرى تقول انه سيقع توزيعهم على مناطق أخرى للاستقرار بها، وغيرها من الروايات الأخرى التي زادت من تفاقم الجدل داخليا وخارجيا حول هذا الملف الحساس خصوصا ان الامر يتعلق بمواطنين من دول افريقية تجمعها بتونس علاقات ديبلوماسية محترمة وطيبة ويتعلق ايضا بمسألة انسانية حساسة..
وأمام كل ما أصبح يروج من إشاعات وروايات غير دقيقة وما أصبح يرافق هذا الملف من احتقان وبعض مظاهر الفوضى والعنف، فإن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو : ماذا تنتظر الدولة للكشف عن الحقائق المحيطة بهذا الملف بكل دقة ؟ وماذا تنتظر لاعلام الرأي العام الداخلي والخارجي بالخطوات التي ستتخذها في قادم الأيام لحلحلة الأزمة؟ وما مصير من غادر صفاقس في اتجاه العاصمة؟ وماذا عن التنسيق بين تونس والدول التي ينتمي إليها هؤلاء او سفاراتها وتمثيلياتها الديبلوماسية في بلادنا وكذلك الهياكل الأممية وفي مقدمتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين؟
صحيح أن ملفات الهجرة وطلب اللجوء والترحيل ملفات حساسة وشائكة للغاية في كل دول العالم لأنها محكومة بالقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تهم المسائل الإنسانية، لكن للدولة أيضا الحق في فرض احترام قوانينها الداخلية وسيادتها. وهو ما على تونس تأكيده من خلال الإفصاح عن كل الحقائق التي تهم هذا الملف حتى لا تتحول إليها والى شعبها أصابع الاتهام بارتكاب انتهاكات انسانية..
لم يعد هذا الملف يتحمل المزيد من الغموض والسكوت والإشاعات والروايات المختلفة.. وما على الدولة الا ان تتحمل مسؤوليتها كاملة في إنارة الرأي العام الداخلي والخارجي حول التطورات المنتظرة والحلول الممكنة، تفاديا لمزيد تطور الأمور نحو الأسوأ وخاصة لابعاد الشبهات والاتهامات المختلفة لهذا الطرف او ذاك وايضا لإثبات سيادة الدولة وعلو قوانينها.
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك