مع الشروق...ادعموا فلسطين... بوقف تيار التطبيع

مع الشروق...ادعموا فلسطين... بوقف تيار التطبيع

تاريخ النشر : 07:25 - 2022/11/30

قضية فلسطين ودعم قضية فلسطين ونصرة الشعب الفلسطيني قناعات رضعناها مع حليب أمهاتنا على امتداد جغرافيا وطننا العربي الكبير. وباتت قضية الشعب الفلسطيني قضية كل مواطن عربي شريف من المحيط إلى الخليج.
منذ البدايات ومنذ الارهاصات الأولى لتسلل العصابات الصهيونية إلى أرض فلسطين مُتسربلة بخبث وبجبروت «الحماية» البريطانية المنتصبة هناك تحرك المواطن العربي بحسّه العروبي الفطري وتطوع في كل المعارك والحروب وفي كل المحطات التي دعا فيها داعي الجهاد والفداء.. وتطوع متقدما في الصفوف الأولى ليجود بالدم وبالروح في سبيل فلسطين أرضا وشعبا وقضية. وكلّ شعب عربي مازال يحفظ قصص بطولات وسير أبطال رووا بدمائهم الطاهرة تراب دول المواجهة أثناء الحروب العربية ـ الصهيونية..


وكبرت تلك الأجيال على عشق فلسطين وعلى الالتزام بتفاصيل القضية الفلسطينية.. وحفظت عن ظهر قلب أدبيات الثورة ونضالات الثوار على مدى السنين.. ومع تداول العقود والأزمنة ومع تشعبات القضية ودخولها في مزادات السياسة وفي بورصات المصالح الفئوية والدولية ومع غرق الشعوب العربية في همومها الاقتصادية والاجتماعية بدأت جمرة التضامن مع القضية الفلسطينية تذوي.. وبدأت القضية تتراجع إلى مراتب ثانوية في حياة شعوبنا.. حتى أصبح انتظار فريق وطني في مقابلة كرة قدم يحرك الشارع العربي ويعبئ شعوبا بأسرها في حين أصبحت المجازر التي يرتكبها العدو وغطرسته وعربدته وتنكيله بأشقائنا الفلسطينيين خبرا عابرا يحتل مراتب ثانوية في نشرات الأخبار وفي سلم اهتمامات المواطن العربي..


مع تراجعنا على جبهة دعم نضال شعبنا في فلسطين وهي أرض الرباط ومسرى رسولنا الكريم (صلعم) وحاضنة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بدأ الكيان الصهيوني يتسلل إلى الرقعة العربية وبدأ يسجّل نقاطا على حساب وعينا وإدراكنا وعلى حساب قناعات كبرت معنا وكبرنا بها.. وصار «التطبيع» مع هذا الكيان الغاصب والمجرم «مسألة فيها نظر».. بل لقد أصبح التطبيع «وجهة نظر» تجد لها مريدين وداعمين في الساحات العربية.. بل إن سرطان التطبيع تسلل من الأنظمة إلى الكثير من النخب العربية التي أصبحت تجد من الصلف ومن الوقاحة ما يجعلها تمارس التطبيع وتدافع عنه وتسعى إلى توسيع رقعته..


هذا الواقع بات يدفع المزيد من الأنظمة العربية إلى مربع التطبيع مع الكيان الصهيوني.. ليصبح مشهد ارتفاع علم الكيان الغاصب في قلب عواصم عربية مشهدا عاديا لا يستفز الضمير العربي ولا يحرّك شيئا في المواطن العربي.. وبالمحصلة يبدو أنه سوف يأتي على أمتنا العربية زمن قريب يصبح فيه منتهى الدعم الذي تقدمه إلى قضية الشعب الفلسطيني هو الامتناع عن التطبيع مع الكيان الغاصب وإقامة العلاقات «الودية» معه.. والحال أنه يقتّل أشقاءنا يوميا ويرفض كل قرارات الشرعية الدولية ويتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي طليعتها حقه في إقامة دولته الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..


لقد حلّت أمس الذكرى 75 لقرار التقسيم المشؤوم  والذي اعتمدته الأمم المتحدة يوما عالميا  للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. وهي ذكرى يفترض أن تستفز ضمائر كل العرب ليتساءلوا عن الخلل الحاصل والذي جعل تضامننا مع قضية شعبنا الفلسطيني وهو في الواقع تضامن مع أنفسنا يتضاءل ويذوي ويتراجع.. ليصبح منتهى الأمل والطموح ومنتهى ما يطلبه منّا أشقاؤنا وما تطلبه «قضية العرب الأولى» هو فقط الامتناع عن التطبيع مع العدو الصهيوني الذي يحتل الأرض الفلسطينية وينكّل بنصف الشعب الفلسطيني ويحرم نصفه الآخر من حق العودة.. أما فلسطين فلها شعب يحميها وأما القضية فلها ثوار أحرار على امتداد الجغرافيا العربية يحملونها أملا وحلما إلى حين التحرير والعودة.


عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك