مع الشروق.. خريف الغضب يجتاح أوروبا

مع الشروق.. خريف الغضب يجتاح أوروبا

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/10/18

«أريد الغاز والنفط الروسي»، ذلك ما نادى به نشطاء في مظاهرات عارمة في ألمانيا اقتدى بها لاحقا الفرنسيون الذين تظاهروا بعشرات الآلاف احتجاجا على غلاء أسعار الغذاء والطاقة في وقت تسود فيه مخاوف من «انفجار اجتماعي».
«خريف الغضب» الذي بدأ يتفشى في اوساط المجتمعات الاوروبية قد يصبح انفجارا اجتماعيا يطيح بالحكومات ويعيد حسابات التحالفات سواء على المستوى الاوروبي او الأطلسي الى طاولة المراجعات.
وما يزيد من الطين بلّة ،أن الأمر لم يقتصر على الغضب الشعبي من تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وارتداداتها على حياة المواطن الاوروبي واقتصاديات دوله بل وصل الى المستوى الرسمي.
ففي ألمانيا خاصة تتعالى الأصوات السياسية المطالبة بوقف النزيف الحاد الذي أصاب الاقتصاد الألماني الذي كان يتربّع على عرش أوروبا وبدأت تمزّقه ألغام الحرب الاوكرانية التي باتت برلين هي أكبر الخاسرين فيها.
وبعد أن اتّهم وزير الاقتصاد روبرت هابيك بشن حرب على الشعب الألماني من خلال التسبب في أزمة طاقة من خلال فرض عقوبات على روسيا، قالت أليسا فايد، الرئيسة المشاركة لحزب «البديل من أجل ألمانيا» إن « ما يحدث بين روسيا وأكرانيا لا يهمنا علينا أن نهتم بأنفسنا».
على المنوال نفسه، لم يتوان المسؤولون الفرنسيون وعلى رأسهم ايمانويل ماكرون في التعبير عن سخطهم مما يفعله «الاصدقاء» حين صرّح: «سنقول لأصدقائنا الأمريكيين والنرويجيين، بروح الصداقة العظيمة: أنتم رائعون، (لأنكم) تزودوننا بالطاقة والغاز، لكن هناك شيء واحد لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، وهو أن ندفع أربعة أضعاف السعر الذي تقومون بالبيع به للصناعة لديكم... ذلك ليس المعنى الدقيق للصداقة».
الأوروبيون وعلى رأسهم ألمانيا وفرنسا يشعرون بطعنتين حادتين من أمريكا تحديدا، فهي ورّطتهم أولا في فرض عقوبات على روسيا هي أشبه بمن يطلق النار على قدمه، وثانيا عندما استغلّت ذلك لصالحها لتبيع لهم الغاز بأضعاف مضاعفة.
أما رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان فقد كان أكثر صراحة ووضوحا عندما قال «في البداية، اعتقدت أننا أطلقنا النار على أقدامنا فقط، لكن من الواضح الآن أن الاقتصاد الأوروبي أطلق النار على نفسه في رئتيه الاثنتين، وهو يلهث في الهواء».
المثير للسخرية حقا أن الاوروبيين لايزالون يواصلون السير في حقل الألغام هذا ويستعدون لفرض حزمة تاسعة من العقوبات على روسيا بأوامر فوقية من الولايات المتحدة الأمريكية.
أما على الجهة المقابلة فرغم الارتدادات الاقتصادية الطبيعية، ينتعش الدولار الأمريكي بشكل غير مسبوق وترتفع ايرادات النفط والغاز بصفة غير مسبوقة وكأن لسان واشنطن يقول للأوروبيين «انتحروا أنتم في أوكرانيا هاهنا رابحون».
إن أبرز ما كشفته الحرب الروسية الأوكرانية اضافة الى انهيار عالم القطب الواحد وفشل عزل روسيا وتركيعها، أن الأوروبيين هم بيادق في يد واشنطن التي يأتمرون بأمرها بينما تستخدمهم هي حسب مصلحتها الخاصة.
 بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك