مع الشروق.. «عليـك أمــان الله!..»

مع الشروق.. «عليـك أمــان الله!..»

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/10/03

قامت الدنيا ولم تقعد بسبب شريط فيديو يكشف حصول عون أمن على مبلغ مالي قدره 60 دينارا بعنوان رشوة، وكأن جرم الأمني معزول عن ظاهرة اجتماعية تفتك بالبلاد والعباد وحاضرة بتفاوت في كل دول العالم تقريبا ..
«صاحب الستين» ليس هو الأول ولن يكون هو الأخير المرتشي، وهذا ليس تبريرا لسلوك يجب محاربته، بل هو إدانة لمسؤول أمني أقسم على خدمة الوطن والمواطنين، لكنه حنث اليمين وزاغ ليحرج المؤسسة الأمنية أيما إحراج ..
  الرشوة في كلمة هي شكل من أشكال الفساد، وتطلق على دفع شخص أو مؤسسة مالا من أجل الاستفادة من حق ليس له، أو إعفاء نفسه من واجب عليه، وفي بعض الأحيان لنيل حق من حقوقه لم يقدر على نيله بروتين إداري مقيت، أو لرفع مظلمة سلطت عليه وهو بريء ..
والرشوة "جريمة ثنائية، أي يشترك فيها الراشي والمرتشي في ذات الآن، وقد تصبح ثلاثية حينما تغض الجهات الرقابية، الإدارية أو الحكومية أو القضائية، الطرف عما يتواطأ عليه الراشي والمرتشي وهو ليس الحال في هذه الحادثة.
وبلغة الصدق نقول : الرشوة حاضرة في تونس في كل الأوساط والمجالات، وهي خبز يومي في ظل التعقيدات الإدارية، وتسلّط بعض الإداريين وعدم قدرة المواطن على نيل حقه أو رفع مظلمة وكذلك الاستفادة من حق ليس له، ولنا في "افرح بخوك " الدليل الذي لا يشق له غبار .. 
 افرح بخوك التي تطورت إلى " عليك أمان الله " وأنت "مقتنع أم لا " في هذه الحادثة، أكدتها دراسة قامت بها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين حول "الفساد الصغير" في تونس قدمتها يوم 23 فيفري من السنة الحالية .
قدرت هذه الدراسة -التي لم نتوقف عندها وقتها كما يجب- أن المبلغ الجملي للرشاوى المدفوعة سنة 2020 بحوالي 570 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بنسبة 21 بالمائة مقارنة بسنة 2014، وأكدت الدراسة أن 19 بالمائة دفعوا رشاوى مما يعني أن مليون ونصف مواطن قدموا رشوة لقضاء شأن ما أي انه يتم تقديم أكثر من 4 آلاف رشوة في اليوم الواحد !.
وحسب القطاعات، قالت هذه الدراسة أن قطاع الأمن يتصدر المرتبة الأولى بنسبة 50 بالمائة، فالصحة 20 بالمائة، ثم الجماعات المحلية 14 بالمائة فالمؤسسات العمومية 10 بالمائة..
هذه الأرقام التي يدعمها تصنيفنا في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2021 – المرتبة 70 من أصل 180 دولة – يستوجب من الدولة وأجهزتها الرقابية الضرب بكل قوة على أيادي الراشين والمرتشين في ذات الآن، فالجريمة مشتركة، وتبعاتها خطيرة على الدولة وعلى ثقة المواطن بمؤسساتها.
اليوم تستعد تونس للانتخابات التشريعية، والحديث بدأ يتسرب عن تسعيرة "التزكيات" ورشاوى "التزكيات" ..وهذا موضوع آخر يستوجب ورقة أكثر عمقا من هذه التي بين أيديكم الآن ..
راشد شعور 

تعليقات الفيسبوك