مع الشروق.. قلــــوب تحتـــــــرق...

مع الشروق.. قلــــوب تحتـــــــرق...

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/02/28

رغم بعد المسافة، دوي الحرب الواقعة الآن في منطقة تبعد أكثر من 4 آلاف كيلومتر من ترابنا وسمائنا، هنا في تونس .. في أفئدة تتمزق خوفا على الأبرياء مهما كانت جنسيتهم، وفي قلوب محترقة لعائلات أبناؤها في أوكرانيا وبدرجة أقل في روسيا " هاجروا " بحثا عن " ديبلوم " دراسي في الغالب ..
هنا في تونس، قلوب تهتز وتتقطع مع دوي كل قنبلة تهز سماء وأراضي أوكرانيا، 1500 من الجالية التونسية هناك لم يقدروا بعد على مغادرة أرض المعارك والفرار بأرواحهم من حرب لا " تبقي ولا تذر " أطرافها دول قوية وأسلحتها عمياء لا تتصفح الجنسيات.
المحاولات المبذولة الآن لاجلاء رعايانا جاءت بكل المقاييس متأخرة، فالعقل السياسي التونسي لم يستشرف هذه الحرب، واكتفى في مرحلة أولى بالطمأنة، والخارجية التونسية أكتفت في بلاغها الصادر عنها في اليومين الأخيرين بالقول " أنّ تونس تتابع بانشغال التطوّر السريع للأحداث في أوكرانيا وارتفاع حدّة التوتّر في المنطقة"، داعية " من منطلق مواقفها الثابتة بضرورة تغليب منطق الحوار كأفضل السبل لفضّ النزاعات بين الدول، جميع الأطراف المعنيّة إلى العمل على تسوية أي نزاع بالطرق السلمية" .
وكما غاب الاستشراف عن العقل السياسي التونسي مع جاليتنا بأوكرانيا، هو غائب اليوم عن جاليتنا بروسيا، وفي صورة تطور الأحداث نحو الأسوأ، قد يصدر بلاغ مماثل يشير إلى أن تونس تتابع الوضع وتدعو اعتماد الطرق السلمية لتسوية النزاع ..
ذات العقل، لم يستشرف تبعات هذه الحرب على اقتصادنا التونسي، بل وبأكثر موضوعية، تسارع الأحداث لم يترك له مجالا للاستشراف، وكان لزاما أن يستشرف هذه الحرب وغيرها من الحروب والتوترات في عالم متقلب.
فما ينتظرنا وينتظر كل دول العالم تقريبا، هو ما ستعرفه المحروقات من ارتفاع في الأسعار والذي تم تسجيله فعلا بعد أن تجاوزت أسعار النفط حاجز الـ100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ أكثر من سبع سنوات..
تونس ليست دولة منتجة للمحروقات، وإنتاجها رغم ما قيل ويقال هنا وهناك ضعيف، وكان بإمكاننا التعامل مع هذا الضعف بالتعويل على الطاقات البديلة تحكما في الموارد المالية واستعدادا لكل طارئ، لكننا لم نفعل ..
 وكما لم نفعل مع الطاقة، لم نفعل مع الفلاحة، وستشهد "مطمورة روما " نقصا في القمح الذي نستورد 80 بالمائة منه من حاجياتنا من منطقة البحر الأسود وأساسا من روسيا وأوكرانيا وبدرجة اقل من فرنسا وبلغاريا..
المخزون الوطني من هذه المادة الغذائية الرئيسية وحسب الجهات الرسمية كاف لشهر جوان، والحرب الروسية الأوكرانية لا أحد يتوقع تاريخ نهايتها وسيناريوهات هذه النهاية جيوسياسيا ..فهلا فكرنا من جديد في كل هذه المسائل الحياتية؟
راشد شعور 
 

تعليقات الفيسبوك