مع الشروق.. المواد المدعومة و«اللامساواة» بين الفقراء والأغنياء

مع الشروق.. المواد المدعومة و«اللامساواة» بين الفقراء والأغنياء

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/01/07

في الوقت الذي تْكابد فيه طبقة الفقراء وضعفاء الحال من أجل العثور في الاسواق على المواد الغذائية المدعومة وشرائها بأسعارها الحقيقية، لا تكترث. 
طبقة أخرى من التونسيين للأمر ولا تهتم كثيرا سواء توفرت هذه الاسواق ام غابت وسواء ارتفعت اسعارها ام لا.. وفي المقابل تواصل  الدولة " الفرجة" دون بذل جهود تنهي معاناة الفقراء والمحتاجين من ازمة افتقاد المواد المدعومة وارتفاع اسعارها بسبب المضاربة والاحتكار..
واقع مرير يكشف عن لامساواة في الحق في الغذاء بين ابناء الشعب الواحد ويزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي والشعور بالظلم والغبن لدى شق كبير من التونسيين ممن اصبحوا محرومين من مواد غذائية اساسية إما بسبب غيابها عن السوق نتيجة الاحتكار والمضاربة على غرار الزيت النباتي والبيض والسميد والفارينة والارز او لغلاء اسعارها كاللحوم والاسماك والخضر والغلال وغيرها من المواد الاستهلاكية الاخرى..
لن يكترث ميسورو الحال بغياب بعض المواد المدعومة من السوق، فهم قادرون على توفير البدائل عبر اللحوم المختلفة والاسماك المتنوعة والمصبرات مهما ارتفع سعرها بدلا عن البيض وغيرها من المواد الاساسية المفقودة من السوق.. وهم قادرون على تناول وجباتهم باستمرار خارج المنزل عكس الفقير والمعدم الذي تعوّد على سد رمقه بأكلة منزلية بسيطة.. وهو ما يكرس لامساواة حقيقية في الحق في الغذاء..
وما يزيد من حدة احتقان الطبقات المعدمة والفقيرة هو ان عديد المواد الاساسية المفقودة من الاسواق تتوفر لدى اصحاب المطاعم ومحلات الاكلات المختلفة والمرطبات وفي النزل ولدى مصانع المصبرات الغذائية ..فهم قادرون على توفيرها عبر مسالك مافيات المضاربة والاحتكار باسعار ارفع من اسعارها الرسمية لانهم يحققون من وراء ذلك ارباحا كبرى  عكس المواطن الفقير الجائع الذي لم يعد قادرا على تحمل اي ترفيع في الاسعار..
وبما ان الدولة لم تنجح الى حد الآن في اصلاح منظومة الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه، فإن الميسورين  واصحاب الثروات والسياح الاجانب يواصلون التمتع بهذه المواد - في صورة توفرها بالاسواق- بالاسعار نفسها التي تدفعها الطبقة الفقيرة.. وفي صورة افتقادها من الاسواق فانهم لن يكترثوا لغيابها لانهم قادرون على توفير البدائل ولن يكترثوا ايضا لارتفاع اسعارها في حين يجوع الفقير وصاحب الدخل المحدود..
آن الاوان اليوم لان تهتم الدولة اكثر بملف الدعم وان تعمل على ايجاد الآليات التي تجعل المواد المدعومة موجهة فقط لمستحقيها من الفئات الفقيرة والمهمشة. فمن غير المعقول ان يواصل البعض تحقيق ارباح من خلال استعمال المواد المدعمة كالخبز والزيت النباتي والبيض وغيرها في حين لا يجد المواطن الفقير اثرا لهذه المواد في الاسواق او يقتنيها باسعار مرتفعة وتواصل الدولة في الاثناء تحمل تكاليف الدعم من اجل ان يحقق هؤلاء ارباحا كبرى..
ويتطلب هذا الملف توفر ارادة حقيقية من الدولة للاصلاح والتحلي بالجرأة والشجاعة والارادة اللازمة لوضع حد لهذه الفوضى التي اصبحت تسود السوق وللضرب بقوة على ايدي المحتكرين والمضاربين في مجال المواد المدعمة وغيرها من المواد الحساسة الاخرى  وكل من يرتكبون تجاوزات تسهل التلاعب بقوت المواطن وتٌجوعه..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك