مع الشروق.. من جديد الانتخابات الليبية على المحك

مع الشروق.. من جديد الانتخابات الليبية على المحك

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/01/05

مرة أخرى يجد الاستحقاق الانتخابي في ليبيا نفسه على المحك. فبعد ان أدت التجاذبات والمناكفات والخلافات إلى تأجيل موعد الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي تدور نفس الاسطوانة حول موعد الرابع والعشرين من جانفي الذي تم اقراره موعدا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وهذا الأمر يضع العملية السياسية بكامل مخرجاتها أمام امتحان صعب.. كما يعرض استقرار ليبيا وأمن شعبها إلى تحديات حقيقية قد تنسف حلم أشقائنا الليبيين في رؤية النور في نهاية النفق المظلم الذي دخلته البلاد في عشرية سوداء طبعتها الخلافات والصراعات المسلحة والتدخلات الاقليمية والدولية.
تقول القاعدة أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج. ومن المؤسف ان الأسباب التي أدت إلى اجهاض الموعد الأول للانتخابات لا تزال قائمة وهي تهدد بنسف الموعد الثاني ما لم يتداعى الليبيون إلى توافقات واضحة وتصلح لأن تكون أرضية صلبة يقف فوقها الجميع وتتحول إلى قاعدة لعبة يرضخ لها الجميع وتقبل بنتائجها كل الأطراف.. ففي ليبيا الشقيقة وفي غياب دستور يمكن أن يضبط الايقاع ويحتكم إليه الجميع يكون من الوهم توقع حصول الأمر وإقرار دستور في ما تبقى من الوقت قبل الاستحقاق الانتخابي. كما ان عوامل عديدة ما تزال موجودة على الميدان وهي كفيلة بإدخال البلاد في خانة الفوضى في أية لحظة.. وتأتي في مقدمتها المليشيات المسلحة وحجافل المرتزقة الذين مازالوا يرتعون علاوة على التدخلات الاقليمية والدولية التي تسحب خيوط اللعبة وتحرك العديد من أطرافها من وراء الحجب وهو ما يمثل عامل تهديد كبير وخطير للاستحقاق الانتخابي. وهذه العوامل بدورها ستبقى قائمة ولن يكون بالامكان تبديدها أو تحييدها بالكامل في ما تبقى من وقت قبل موعد الـ 24 من جانفي الجاري.
ما العمل إذن؟ وكيف يمكن تهيئة الحد الأدنى من الظروف لاجراء انتخابات حرة ونزيهة وتقبل بنتائجها كل الأطراف؟ وللإجابة نقول: بأنه ورغم الجهود الأمنية المكثفة التي تبذل لتقريب وجهات النظر وتهيئة مناخ ملائم لعملية انتخابية طبيعية فإن ذلك قد لا يكون كافيا ما لم تتوفر الإرادة الصادقة لدى فرقاء الساحة السياسية الليبية والحرص الحقيقي على تجاوز كل الحسابات الضيقة وعلى الخروج من خيمة الأحزاب والجماعات والمليشيات والانتماءات إلى سماء الوطن الرحبة التي تتسع للجميع والتي تعد المحطة الانتخابية مناسبة وفرصة لليبيين كي يتنافسوا فيها على أساس أفكار وبرامج ورؤى واضحة يتمكنون على أساسها من إعادة بلادهم إلى مربع الاستقرار ويقطعون مع كل بذور الخلافات والصرعات..
هذه الإرادة السياسية المطلوبة تبدأ بإذابة جبال الجليد بين مختلف الأطراف والأطياف السياسية وصولا إلى بناء جسور الثقة بين الجميع حتى يتسنى الانطلاق على درب بناء ليبيا جديدة تكون وطنا للجميع وبيتا يتسع لكل أبنائه... ويكون فيه الاختلاف عنصر اضافة واثراء وليس معول هدم وتحطيم... وهذه الورقة الأساسية لانجاح أي استحقاق انتخابي والضرورية لانجاح أية تجربة وتأمين استقرار البلاد هي ورقة ليبية صرفة وتقع بين أبناء الشعب الليبي دون سواهم لأنهم أصحاب الأرض وأصحاب البلد والباقون فيه... أما الآخرون فإنه لا يهمهم من ليبيا إلا مصالحهم وسوف يرحلون بانتفاء موجبات حضورهم في الساحة الليبية.
مازال هناك متسع من الوقت للتدارك شريطة التخلي عن منطق التجاذبات والمناكفات الذي لا يؤدي إلا إلى تشتيت الصفوف وتدمير الأوطان ولا نعتقد بوجود ليبي واحد يقبل باغراق بلاده في الخراب والفوضى... لا قدر الله.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك