مع الشروق.. الاحتكار... «زنقة زنقة... دار دار»

مع الشروق.. الاحتكار... «زنقة زنقة... دار دار»

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/09/05

الزيارات الفجئية التي يقوم بها رئيس الدولة بهدف الحث على مقاومة الاحتكار وتلاعب القائمين على مسالك التوزيع وعلى تخفيض الأسعار، تبقى تحركات مهمة وتساعد على تحريك المياه الراكدة. لكن مع وضوح الارادة السياسية وشدّة الخطاب السياسي لرئيس الدولة.. ورغم كلمات الوعيد التي يطلقها فإن الأسعار تصر على ممارسة «رياضة» القفز العالي وحتى ان عرفت بعض الأسعار انخفاضا لأيام معدودات فإن «خفافيش الظلام» سرعان ما يعيدونها إلى مستوياتها السابقة إذا لم نقل إلى أرفع منها.
هذا الوضع يطرح اشكالية عويصة لأن لوبيات الاحتكار والتحكم بمسالك التوزيع والتلاعب بالأسعار قد تعوّدت على لعبة «القط والفأر».. وهي تملك من الصبر ومن المناورات ومن الخيوط ومن الأساليب والألاعيب ما يمكنها كل مرة من الانحناء للعاصفة ثم الانقضاض على فرائسها وتحقيق مصالحها على حساب جيوب وبطون الشعب الغلبان وعلى حساب القدرة الشرائية للمواطن وهي التي قاست وعانت الويلات في العشرية الأخيرة نتيجة ضعف الدولة وغياب الخطط والاستراتيجيات و«تبخّر» هياكل وأجهزة وأعوان المراقبة.. وهو ما أدى إلى تغوّل عصابات الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
كيف إذن نحلّ هذه العقدة؟ ومن أين نبدأ في محاربة الارتفاع الجنوني للأسعار؟ وهل سيكون لزاما على رئيس الدولة أن يترك الملفات الحارقة للبلد والمسائل الاستراتيجية لمصير البلاد والعباد وأن يتفرّغ لملاحقة المحتكرين «زنقة زنقة، دار دار، بيت بيت» على قول العقيد القذافي ـ رحمه الله ـ؟ وهل سيكون لزاما عليه ركن الملفات الحساسة جانبا والتفرغ للعبة «القط والفأر» مع المحتكرين والمهربين والمستكرشين وحيتان ومافيات القطاعات الممسكة بنواصي الانتاج ومسالك التوزيع والمتلاعبة بجيوب خلق الله؟
إن الحل يكمن في التوجه إلى  تفعيل دور الأجهزة والمؤسسات، ويكمن في تفعيل دور الرقابة.. وقبل ذلك في وضع الخطط ورسم الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق وفرة الانتاج مع التحكم في كل المنظومات الحساسة لغذاء الشعب بالدرجة الأولى. بحيث يبدأ الضغط على الكلفة وعلى سعر البيع من الأساس.. بشكل لا يكون معه التخفيض في الأسعار عملية مسقطة غالبا ما تؤدي إلى الاضرار بشريحة، وبمفصل من مفاصل الانتاج كما حدث مع منظومة الدجاج التي تضررت من قرار وضع تعريفة لأسعار البيع دون الخوض في تكاليف كل مفاصل عملية انتاج الدجاج من فراخ وأعلاف وأدوية وفواتير ماء وكهرباء تساهم كلها في تضخم كلفة الانتاج.
بالتأكيد، ومهما كانت النوايا حسنة وهذا لا يدانيه شك ولا اختلاف فإن التحكم في الأسعار لا يكون بمجرّد قرار ولا يكون أمرا مسقطا على مختلف منظومات الانتاج بل يكون بحوار بنّاء وهادئ مع المتدخلين في كل المنظومات،، ويكون باستراتيجيات واضحة تسخر لها الامكانيات والآليات اللازمة الكفيلة بتحقيق الوفرة وتأمين الأمن الغذائي في مختلف جوانبه ومكوناته. ووفق هذا التمشي يصبح الضغط على التكاليف وبالتالي التخفيض في الأسعار مسألة نابعة من واقع المنظومات والقطاعات وتكون نتاج سياسات متوافق عليها وتحدد الأدوار والمسؤوليات وإذا تحكّمنا في الأسعار وفق هذا التمشي فإنها حتما لن تعود إلى ممارسة رياضة القفز العالي بمجرّد أن يدير رئيس الدولة ظهره ويتجه إلى مسألة أخرى.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك