مع الشروق.شعب الجبّارين... شعب التضامن والإيثار!

مع الشروق.شعب الجبّارين... شعب التضامن والإيثار!

تاريخ النشر : 08:00 - 2021/08/11

يأبى الشعب الفلسطيني المناضل والصابر والمثابر على درب مقارعة الاحتلال الصهيوني حتى دحره من أرض فلسطين الحبيبة، يأبى إلاّ أن يقدّم للبشرية درسا بليغا في سمو النفس وفي الإيثار بعد أن قدّم لها درسا بليغا في التمسّك بالأرض والهوية والنضال ضدّ محتل استئصالي مدجج بما حوته ترسانات أمريكا والغرب من أسلحة ومدجج بدعم أمريكي ـ غربي غير مشروط.
فلقد دأب الرئيس الشهيد ياسر عرفات على تسمية شعبه شعب فلسطين، شعب الجبّارين. وهو بالفعل كذلك وبكل معاني هذه الكلمة جبّار في صبره وجلده. جبّار في نضاله وفي اصراره على التمسّك بأرضه والذود عن عرضه. جبّار في هبّاته لإجهاض المخططات الصهيونية. وجبّار في انتفاضاته في المحطات المفصلية التي يتكالب فيها الاحتلال الصهيوني وتأتلف قوى الشرّ لتمرير المؤامرات والدسائس. شعب بهذه المواصفات هو شعب ثابت متأصّل في أرضه. هو شعب مشبع بمعاني الهوية  والانتماء. وهو شعب متشبع بقيم عروبته وأصالته التي استلهمت معاني الايثار من قوله تعالى «بسم الله الرحمان الرحيم: ويؤثرون  على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (الحشر (9)».
وقد حرص قبل أيام على تجسيد الايثار في أبهى مظاهره عندما بادر إلى مساعدة أخيه الشعب التونسي بعدد من مكثفات الأكسجين رفدا لمجهودنا الوطني في مكافحة آفة كورونا وإسهاما في الجهود الخيّرة لأشقاء تونس وأصدقائنا في مدّنا بمقومات الصمود في وجه هذه الآفة وتخليص أبناء شعبنا من براثن فيروس متقلب، متحوّل لا يرحم فتك بالكثير من الشعوب ومن بينها الشعب التونسي.
شعبنا في فلسطين الحبيبة يعيش ظروفا غير عادية. احتلال وقهر واستيطان وعدوان وبطش أضحيا خبزا يوميا، ومصادرة أراض وقلع زياتين وبناء المزيد من المستوطنات لتغيير وجه الأرض تمهيدا لطمس معالمها وتهويدها.. وغير هذا كثير من المآسي والمظالم التي ينام شعبنا الفلسطيني ويصحو عليها يوميا.. ومع ذلك فقد أبى إلا أن يهبّ لنجدة أشقائه في تونس مقدما درسا لا ينسى لكل الدول التي كسبت الكثير من مقومات القوة لكنها خسرت انسانيتها. وتجرّدت من كل قيم التضامن والتكافل والتآزر الكفيلة وحدها بإظهار معادن الشعوب ونحت سيرتها وتاريخها بأحرف من نور في سجلات الحضارة البشرية.
الشعب الفلسطيني الصابر، المناضل لا يحتكم على امكانيات جبّارة وقد يكون هو الآخر محتاجا للدعم الدولي لمقاومة كورونا التي حوّلها المحتل إلى مادة للمناورة والابتزاز. لكنه في اللحظة التاريخية الصاخبة وحين نادى منادي الواجب والضمير، ترك كل الحسابات جانبا وهبّ لرسم بسمة على شفاه مواطن تونسي ولمسح دمعة من مقلة مواطنة تونسية باغتهما الفيروس في لحظة عجز المؤسسات الاستشفائية.
الشعب الفلسطيني استحضر معاني الإيثار وقيم الرجولة وتصرف وفق ما تمليه هذه القيم. لكنه استحضر أيضا معاني التضامن العربي ومعاني الانتماء ـ تلك المعاني التي جعلت آلاف المناضلين العرب ومن ضمنهم تونسيون يهبّون إلى فلسطين وإلى دول المواجهة للاسهام في مقارعة العدو الصهيوني منذ انتصابه على أرض فلسطين الحبيبة.
وأمة تشدها من هذه الروابط هي أمة منتصرة لا محالة.. وشعب متجذر في أعماق هويته العربية مثل الشعب الفلسطيني هو شعب منتصر لا محالة ولو بعد حين.. وشعب مصرّ على تعليم البشرية معاني التضامن والايثار هو شعب منتصر مهما طال الطريق ومهما أبدى عدوه من عربدة وغطرسة.. ولئن كانت للباطل صولة، فللحق صولات.. أليس كذلك؟
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك