مع الشروق.. أزمة «سد النّهضة» وحرب المياه

مع الشروق.. أزمة «سد النّهضة» وحرب المياه

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/04/13

تخوض مصر والى جانبها السودان حربا دبلوماسية وربما عسكرية لا حقا، من أجل نيل حقوقهم التاريخية من مياه النّيل، في صورة مصغّرة عن الحروب المقبلة وهي حروب المياه بامتياز.
منذ بداية النزاع وإلى الآن يصرّ الطرف الاثيوبي على موقفه ناسفا كل الجولات الحوارية التي وقعت إما بصفة مباشرة أو عن طريق وساطات لم تثمر في الأخير أي تقدّم يذكر  في مسار الأزمة.
بل إن اثيوبيا على ما يبدو تخيّر المواجهة على الحوار، حيث وفي آخر موقف لها قالت وزارة خارجيتها «إن في إثيوبيا مقولة أنك لا تموت من الخوف بل تموت أثناء القتال، لذا فإن إثيوبيا تضع جميع الخيارات على الطاولة».
السودان ومصر خاصة يعلمان جيّدا حجم الكارثة التي ستنتج عن ملء «سد النهضة» حيث سيتأثر عشرات الملايين من الشعبين المصري والسوداني من هذه الخطوة، لذلك تعتبر الدولتان هذا الملف قضية واحدة بينهما.
وهما مستعدّتان جيدا لجميع الخيارات التي يبقى آخرها هي المواجهة العسكرية إن انتهت كل الحلول مع اثيوبيا، لكن  هناك معركة أخرى أخيرة قبل ذلك وهي معركة القضاء الدولي والمؤسسات الأممية.
لذلك تقوم القاهرة الآن بجهود دبلوماسية جبّارة لربح المعركة قانونيا وقضائيا حتى تتجنّب خيار المواجهة العسكرية التي بالتأكيد ستزيد الوضع تعقيدا وقد تنتج عنها انزلاقات أخرى خطيرة على المنطقة.
وفي هذا الإطار  تحديدا تنزّلت دعوة القاهرة لرئيس الجمهورية قيّس سعيّد لزيارتها والتي كانت بالمناسبة زيارة تاريخية عرفت استقبالا حارا غير مسبوق لرئيس تونسي بغض النظر عن نتائجها.
فمصر الآن في حاجة ماسة لدعم عربي وإقليمي ودولي من أجل إصدار قرار في مجلس الأمن يلزم إثيوبيا بوقف أعمال قد تضر بالمصالح السودانية والمصرية،  وتونس هنا  تمثّل نقطة اهتمام رئيسية للدبلوماسية المصرية باعتبارها ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن وممثلة المجموعة الإفريقية.
وقد كان الموقف التونسي واضحا بل وتاريخي بالنسبة لمصر عندما قال رئيس الجمهورية قيس سعيّد إن « الأمن القومي لمصــر هو أمننا وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا».
وكم يحتاج العرب اليوم للتآزر والتضامن في مثل هذه المواقف  وفي كل الأزمات سواء الأمنية حيث الأمن القومي العربي ممزّق أو الاقتصادية او حتى الصحية القائمة في ظل أزمة الكورونا الحادة.
وأزمة «سد النهضة» هي جزء صغير من القضايا التي تواجه العرب ولكنّها بالتأكيد ستكون أبرز القضايا العالمية في العقود المقبلة بما أن كل التقارير تشير الى أن حرب المياه ستكون هي الحرب الكبرى التي ستهيمن على العالم مستقبلا.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك