مع الشروق: يبقى الزعيم حاضرا... رغم غيابه

مع الشروق: يبقى الزعيم حاضرا... رغم غيابه

تاريخ النشر : 07:50 - 2021/04/07

بعد 65 عاما من استقلال البلاد إثر ملحمة نضالية قادها الزعيم مع ثلة من رفاقه ومع حشد من المناضلين ومع شعب أراد الحياة فاستجاب له القدر وأفلح في دحر قوة استعمارية غاشمة.. وبعد 21 عاما على رحيله يبقى الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة حاضرا. ويبقى حضوره مدويا، مالئا كل أرجاء البلاد، ساكنا في عقول وأذهان العباد.
الزعيم رغم الزمن وتباعد ملحمته النضالية حاضر فينا ومعنا بالإنجازات التي حققها وبالمشروع الذي آمن به ونفذه لينقل تونس من غياهب الجهل والفقر والمرض والمعاناة إلى أنوار العلم والأمل والتطلع لبناء دولة عصرية، حداثية يتمتع فيها التونسي والتونسية بحقهما في التعليم العمومي وفي الصحة العمومية. وليس عجبا أن تلهج أجيال بأسرها بسيرة الزعيم وأن يحضر في تفاصيل الشعب بأسره ممن جايلوه وعاصروا ملحمة النضال والبناء وممن درسوا سيرته ونهلوا من آثاره.. ليبقى الزعيم حاضرا رغم الغياب في حين يغيب آخرون رغم حضورهم ولا يتركون أثرا ولا ذكرا لأن دَيْدَنهم الكراسي والمصالح والمغانم وليس مصلحة الشعب وخدمة الصالح العام والتفاني في بناء مشروع مجتمعي ينهض بالبلاد وبالعباد.
بورقيبة أقام مشروعه على أسس لا تندثر من تعميم للمدرسة الوطنية وللتعليم العمومي وتحويله إلى حق مشاع لكل تونسي وكل تونسية، ومن صحة عمومية اتخذت من مقولة العقل السليم في الجسم السليم بوصلة تقودها في سعيها ورغم محدودية الإمكانية نحو إشاعة الحق في الصحة وتحويله إلى واقع يلمسه المواطن حيث وجد. بورقيبة حاضر أيضا في مجلة الأحوال الشخصية وفي حقوق المرأة التي كرّسها وتبناها حتى أصبحت أحد العناوين الكبرى للمجتمع التونسي المتطوّر والمتحضّر للحاق بركب الدول المتقدمة.. وزعيم رسخ هذه الرؤى والقناعات وإنحاز إلى الإنسان التونسي مكتوب له أن يعيش أبد الدهر وأن يخلّده التاريخ كإحدى العلامات المضيئة وكزعيم اقترن اسمه باسم هذه الأرض الطيبة حيث لا يكاد يذكر اسم تونس في المحافل الدولية حتى تقفز إلى أذهان الجميع صورة الزعيم وتراث الزعيم وملحمة الفداء والبناء التي خاضها.
ولعله من عجيب المفارقات أن نجد اليوم بعض مرضى النفوس والعقول ممن تزعجهم سيرة الزعيم ويزعجهم حضوره ويزعجهم مشروعه المجتمعي وتصوره للدولة المدنية الحديثة فتجدهم لا يفوتون فرصة إلا وحاولوا النيل من هذا الهرم الذي لا تطاله الأقزام ولا يهزّه هذيان مرضى العقول والنفوس. أولئك الذين يعشش السواد في عقولهم وقلوبهم وتكلست نفوسهم بالجهل والجهالات وببقايا جاهلية ليحقدوا على كل نفس تقدمي متطوّر ومتحرّر وعلى كل إرادة لإشاعة أنوار العلم والتطوّر.. تلك الأصوات الناعقة لن تنال من مشروع الزعيم ولن تنال من سيرته الخالدة ولن تنال من المكانة البارزة التي يحتلها في تاريخ تونس.
وسيبقى الزعيم الحبيب بورقيبة حاضرا رغم غيابه.. في حين يغيبون هم من حيث يتوهمون أنهم أحياء.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك