مع الشروق.. تهافت العرب على التطبيع... إلى متى؟

مع الشروق.. تهافت العرب على التطبيع... إلى متى؟

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/12/13

في حين يمضي الصهاينة في مصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربية المحتلة وإقامة المزيد من المستوطنات في مسعى واضح لتهويد الأرض ورسم ملامح الحل النهائي بالاعتماد على غطرسة القوة، يتهافت العرب على منح الجوائز تباعا لهذا الكيان. وذلك من خلال تطبيع العلاقات معه وهو ما يعد اعترافا رسميا به وباحتلاله لفلسطين.
آخر المطبعين هو مملكة المغرب الأقصى وهي، وللمفارقة الكبرى، رئيسة لجنة القدس. حيث أقدمت الرباط على  إبرام صفقة مفضوحة مع الطرف الأمريكي تمّ بمقتضاها إعلان تطبيع العلاقات مع دولة الكيان. ولئن كان اعلان التطبيع بين الصهاينة والدول العربية المطبّعة مؤخرا أمرا شكليا لجهة أن علاقات هذه الدول بالكيان الصهيوني كانت قائمة بمثابة الأمر الواقع، فإن ذلك لا يقلل من حجم الكارثة التي يلحقها اعتراف المزيد من الدول العربية بالكيان بقضية الشعب الفلسطيني الذي لا يكفي أنه سيفقد أشقاء كان يسند بهم نضالاته السياسية على الأقل في المحافل الدولية، بل سيجد الصهاينة يستقوون بهذا الدعم العربي ليزدادوا غطرسة وإصرارا على تحصيل الأرض الفلسطينية والتطبيع العربي في نفس الوقت.
الأنظمة العربية وعلى مدى عقود الصراع العربي ـ الصهيوني وضعت الكثير من اللوائح وصاغت الكثير  من القرارات ولعل أبرزها قرار قمة بيروت بعرض السلام الشامل على الصهاينة الذي يفضي إلى قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية مقابل التطبيع الشامل للعلاقات. لكن هذه الأنظمة ظلت تترنح وتتأرجح لتجد نفسها تخضع في نهاية المطاف للضغوط الأمريكية ولابتزاز الإدارة الأمريكية التي تحولت إلى سمسار حقيقي يعتمد الضغط والاغراء والابتزاز لجر هذه الأنظمة إلى مربّع التطبيع مع الصهاينة.. متخلّين بذلك عن مواقفهم المعلنة وعن مساندتهم الكاذبة لقضية الشعب الفلسطيني وهي قضية أمّة مقابل وعود أمريكية هي في الأخير من قبيل إعطاء ما لا تملك إلى من لا يستحق.
وبهذه الضربة الموجعة وفي هذا الظرف الدولي الدقيق والحساس المتسم بتراجع الحزام الداعم لقضية الشعب الفلسطيني وبإغراق العديد من الدول العربية في مشاكل اقتصادية وأمنية تشغلها وتلهيها عن قضية العرب الأولى تكون الأنظمة العربية المطبّعة مؤخرا مع الصهاينة قد غدرت بالأشقاء الفلسطينيين مقابل اعطاء هدية الدهر للصهاينة.. حيث تكون قد شجعتهم على المضي في انجاز مشروع اسرائيل الكبرى القائم على الاستحواذ على كامل فلسطين قبل التمدد بين نهري النيل والفرات. وهذا الوضع سيضع أبناء الشعب الفلسطيني قاطبة أمام امتحان الحقيقة. امتحان يتمثل في التداعي إلى توحيد الصفوف وتفعيل نضالهم من أجل تحرير أرضهم ومقدساتهم ومن أجل استرجاع حقوقهم الوطنية المغتصبة وفي مقدمتها حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
أما خطوات الأنظمة المتخاذلة فستتكفل بها الشعوب العربية التي لا يرقى إلى نبضها العروبي شكّ ولا يداخل إيمانها بقضية فلسطين ريب. هذه الشعوب ستتكفل بإجهاض هذه الخطوات البائسة التي لن يكون لها أثر على الميدان وستكون بمثابة صرخات في واد.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك