بعد تقرير دائرة المحاسبات الأخير .. عندما تصبح الدولة الراعي الرسمي للفساد

بعد تقرير دائرة المحاسبات الأخير .. عندما تصبح الدولة الراعي الرسمي للفساد

تاريخ النشر : 12:04 - 2020/11/16


كشف تقرير دائرة المحاسبات حول نتائج مراقبة الحملات الإنتخابية  التشريعية والرئاسية لسنة 2019  عن وجود بؤر فساد مالي وسياسي تنخر المنظومة السياسية والاقتصادية التونسية بصورة مهولة، وان الانتخابات الفارطة كانت مرتعا للمال الفاسد و التمويلات المشبوهة تورط فيها سياسيون ومسؤولون هم حاليا على رأس السلطة في تونس، كما كشف أيضا عن فداحة العجز الذي تعانيه المنظومة التشريعية  القاصرة عن ملاحقة هذه الأسماء المعروفة ومحاسبتها بينما يواصل هؤلاء الفاسدون التأثير في الحياة السياسية والرأي العام.
 التقرير الذي نشر يوم الجمعة الماضي، أكد أن البنك المركزي ووزارة المالية  أغفلا اتخاذ الإجراءات اللازمة  للحد من تدخل التمويلات الاجنبية في الانتخابات، كما رفضا التعاون مع محكمة المحاسبات، كما نص على ذلك الفصل 90 من القانون الانتخابي 
جرائم انتخابية بالجملة تورطت فيها أسماء بارزة على غرار نبيل القروي المرشح لرئاسيات 2019 والذي دخل حزبه قلب تونس البرلمان بكتلة نيابية،من هذه الجرائم استغلاله لقناته الإعلامية "قناة نسمة" وجمعية "خليل تونس" في القيام بحملات انتخابية مبكرة، وهو مخالفة صريحة لأحكام الفصل 18 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 20 المؤرخ في 8 أوت 2014 والمتعلق بضبط قواعد تمويل الحملة الانتخابية، كما تم رصد وجود تمويلات خارجية مجهولة المصدر تحصلت عليها جمعية خليل تونس بما يخالف أحكام الفصل 99 من القانون الأساسي عدد 26 المؤرخ في 7 أوت 2015 والمتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
هذا بالإضافة إلى ثبوت تعاقد شركة "قروي آند قروي" مع شركة اللوبيات الكندية “Dickens and Mason”. التي يديرها ضابط  المخابرات الإسرائيلي السابق آري بن ميناشي بتاريخ 19 أوت 2019  وفق عقد بقيمة حوالي 2,85 مليون دينار، ما يقارب مليون دولار أمريكي، لفائدة نبيل القروي. بهدف تمكينه ، بصفته مترشحا للانتخابات الرئاسية، من كسب التأييد من قبل الهياكل والمنظمات الدولية وعقد لقاءات مع الرئيس الأمريكي وكبار المسؤولين الأمريكيين قبل تاريخ الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية.
 كما أقرّت محكمة المحاسبات في تقريرها التهم التي لاحقت حركة النهضة بشأن تعاقدها مع شركة ضغط أميركية لتحسين صورتها بين عامي 2014 و2019، مقابل مبلغ يزيد على ربع مليون دولار.
 وكشفت المحكمة أن حركة النهضة أبرمت عقدا مع شركة الدعاية والضغط "Burson Cohn & Wolfe"، للقيام بحملات دعاية وضغط وكسب التأييد في الانتخابات،  وأضافت أن التعاقد بدأ عام 2014 وانتهى عام 2018 بقيمة 285 ألف دولار أميركي( حوالي 775 الف دينار)، تم تجديده بعقد تكميلي ليغطي الفترة الممتدة من 16 جانفي 2019 إلى 17 ديسمبر 2019، وهي فترة الحملة الانتخابية بمبلغ دفع مبلغ مالي قدره 187,215 ألف دولار أمريكي(500 الف دينار) لفائدة الشركة الأجنبية المذكورة لم يتسن تحديد مصدره.
في نفس الإطار، أكّد التقرير أنّ محكمة المحاسبات توصّلت، عبر مقارنة البيانات التي تحصلت عليها من مركز “إفادة” بخصوص أعضاء الهيئة المديرة للجمعيات مع قائمة أعضاء القائمات التشريعية، إلى وجود عدد من المترشحين للانتخابات التشريعية تجاوز 400 مترشحا ينتمون إلى هياكل تسيير جمعيات، وما يمكن أن ينجر عن ذلك من تداخل بين العمل الجمعياتي والعمل السياسي. وقد تبين كذلك، على سبيل المثال، أن رئيسة قائمة عيش تونسي المترشحة بالدائرة الانتخابية تونس 1  ألفة التراس ترأس جمعية عيش تونسي التي تم إحداثها سنة 2018 وائتلاف عيش تونسي في نفس الوقت.
تقرير محكمة المحاسبات  كشف وجود شبهات وجود تمويلات أجنبية  تحوم حول  ستة مترشحين للانتخابات منهم من فازوا بمقاعد بالبرلمان. وقد كان هؤلاء محل تتبع من قبل لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي قبل خوض الانتخابات. وجاء ضمن جدول تفصيلي في تقرير المحكمة، أن هنالك مرشحين تداولوا مبالغا تقدر بمليون دينار منهم من عرفت حساباته البنكية تحويلات مالية ضخمة بالعملة الصعبة. وكانت اللجنة التونسية للتحاليل المالية أفادت أن ستة مترشحين للانتخابات التشريعية يمثلون خمس قائمات فائزة وقائمة غير فائزة تعلقت بهم تصاريح بالشبهة قبل سنة الانتخابات أو خلالها

ومن بين المترشحين الستة من هو مدرج بقاعدة لجنة التحاليل المالية بسبب شبهات تتعلق باستعمال بطاقات بنكية قصد التحيل وغسل الأموال وتكوين مكاسب بالخارج على غير الصيغ القانونية.

هذه الجرائم  وغيرها قد تم إثباتها حسب التقرير خلال الحملات الإنتخابية سنة 2019، لكن رغم ذلك لم يتم إعلام محكمة المحاسبات بهذه المعطيات وتم التغاضي عنها من طف النيابة العمومية،  في حين توجد كل الآليات التشريعية والقانونية التي تخول للقضاء التدخل الفوري وإيقاف مرتكبي هذه الجرائم وتتبعهم عدليا، التقرير الأخير بما حملة من فضائح في علاقة بالتمويل الأجنبي والإشهار السياسي وتورط مؤسسات إعلامية في الدعاية الحزبية إثبات جديد على أن ما نعيشه في تونس هي ديمقراطية مغشوشة ومزوّرة، الأورام الثلاثة التي تنخر جسد البلاد وهي المال الفاسد والأحزاب الفاسدة والإعلام الفاسد انتشرت عميقا داخل الدولة. وعلى القضاء النزيه اتخاذ التدابير اللازمة و علي رجال القانون التحرك فهذا الفساد سيكون عائقا على التمشي السليم الديمقراطية وسيشوه صورة تونس في الخارج

*ناشطة جمعياتية مقيمة بسويسرا .
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصد
07:00 - 2024/04/21
لم يكن قصف القنصلية الايرانية في دمشق عملا عبثيا وانما عملا مخطط له هدفه خلط الاوراق اقليميا ودول
07:00 - 2024/04/21
-إذا كان الوعي من أعمال العقل،وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا،وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحي
09:16 - 2024/04/15