مع الشروق : لعبة الأمم تقطّع أوصال السودان

مع الشروق : لعبة الأمم تقطّع أوصال السودان

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/04

وسط صمت وتواطؤ دولي، تعيش السودان حالة من المأساة المروّعة التي سبّبها الصراع بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان وميليشيات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي).
قبل ذلك وفي عام 2021، نفّذ البرهان وحميدتي معا انقلابا أطاح بالمدنيين من السلطة الانتقالية، التي بدأت بين العسكر وقادة الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس السابق عمر البشير بعد سقوطه عام 2019.
لكن الصراع بين الرجلين تفجّر لاحقا بسبب مدّة دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي(اختلاف في المدة الزمنية)، وتحوّل الى صراع شخصي بين البرهان وحميدتي ومن ورائهما حلفاؤهما الإقليميون والدوليون.
 فلطالما كانت ولا تزال السودان محلّ أطماع واسعة، بسبب ثرواتها الباطنية وأرضها الخصبة وموقعها الاستراتيجي، لذلك يحاول كل طرف إقليمي ودولي أخذ نصيبه من الكعكة على حساب أرواح الشعب السوداني. ولكل من البرهان وحميدتي شبكة من العلاقات والحلفاء، كوّناها منذ سنوات خلال توليهما مسؤوليات مختلفة حتى في عهد البشير، ولكل منهما موارده المالية الخاصة.
التدخّل الإقليمي والدولي الواسع في الصراع، يبرز مدى تعقيد الوضع وتحوّله الى حرب واسعة بلا ضوابط وبلا أفق سياسي واضح، بل على العكس تزداد يوما بعد يوم الدخول في مرحلة أشدّ فتكا مع إصرار كل طرف على موقفه ومع مواصلة تغذية تجار الدم الإقليميين والدوليين لها.
فبينما تدعم مصر (لأسباب أمنية وعلاقات مباشرة مع البرهان) وتركيا وإيران الجيش السوداني والحكومة المعترف بها دوليا، تدعم الامارات ودول وأطراف أخرى بطريقة غير مباشرة ميليشيات الدعم السريع (حفتر، افريقيا الوسطى، أوغندا...).
النتيجة بدت واضحة خاصة في الايام الأخيرة في أحداث الفاشر، التي تحاصرها ميليشيات الدعم السريع منذ أشهر طويلة، والتي نفّذت حال دخولها عمليات تصفيات واعدامات ترقى الى جرائم حرب.
يحدث ذلك كلّه على مرأى ومسمع من العالم أجمع، خاصة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يشيح بوجهه عن الأزمة المروّعة، رغم أنه يزعم أنه «أعظم صانع سلام في العالم»، وينسب لنفسه الفضل في حلّ صراعات، بعضها لا يزال مشتعلا، وبعضها لم يكن موجودا أصلا.
ويبدو أن اسكات صوت البنادق في السودان، بات أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا في ظلّ اصرار كل طرف على الحسم العسكري وغياب أفق الحلّ السياسي الذي أصبح أمرا صعب المنال.
كما لا يوجد حلّ سهل لإنهاء الحرب بسبب شبكة معقدة من اللاعبين الخارجيين، حيث ينال الطرفان المتنازعان، وهما القوات المسلحة السودانية بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) دعما من قوى أجنبية متشابكة، ويتمسّكان بمناطق نفوذهما.
والأسوأ من ذلك كلّه أن نار هذه الحرب المتواصلة قد تمتدّ لدول الجوار، وقد تستغلّها أيضا المجموعات الارهابية التي تتربّص بالمنطقة ممّا يعني خروج الأمور عن السيطرة في منطقة هشّة بطبعها.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك