مع الشروق : لا ضمانات مع الغزاة ولا سلام مع القتلة !

مع الشروق : لا ضمانات مع الغزاة ولا سلام مع القتلة !

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/14

وأخيرا، وقع الرئيس الامريكي الموالي علنا للكيان الصهيوني امس على اتفاق وقف الحرب بين الاحتلال والمقاومة في غزة ، وذلك بحضور عدد من زعماء العالم وبغياب ممثلين عن غزة ، وتزامن ذلك مع تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الصفقة الذي شمل  تبادل الاسرى ودخول المساعدات الإنسانية وانسحاب قوات الاحتلال من بعض مناطق القطاع .
وللوهلة الأولى، يبدو المشهد وكأنه لحظة انفراج بعد عامين من القتل والتجويع، غير أن أسئلة الكبرى تفرض نفسها لعل ابرزها من يضمن أن لا يعود نتنياهو، الغدار، إلى الحرب كما فعل في الهدنة الاخيرة ؟ ومن يضمن ألا ينقلب ترامب على مواقفه كما فعل مرارا، وهو الذي ربط مصير شعب بأهواء انتخابية؟
والجواب هو انه لا أحد يستطيع التكهن بما سيحصل خلال الفترة المقبلة لأنه لا توجد ضمانات حقيقية، فالمطروح على الطاولة ليس سوى بيانات وتصريحات، لا وزن لها أمام سجل حافل بالغدر الصهيوني ونقض العهود.
فنتنياهو الذي وافق بنفسه على الاتفاق مع غزة ،  هو ذاته الذي أمر قبل أشهر بخرقها وفتح أبواب الجحيم على القطاع ،  و هو السياسي الذي يعيش على الأزمات، ويغذي الصراعات ليحافظ على كرسيه، حتى وإن أغرق الكيان كله في الدماء. فكيف يمكن لشعب ذاق مرارة القصف والحصار، أن يصدق من جعل القتل سياسةً ممنهجة ؟
كثيرون هم من اعتبروا  ان الاتفاق ليس سوى هدنة مؤقتة فُرضت على تل أبيب من قبل الرئيس الامريكي بعد فشلها العسكري والسياسي، وبعد أن كشفت المقاومة هشاشة جيشها، وأربكت منظومتها الأمنية والاستخباراتية.
أمّا ترامب، الذي يسوّق نفسه كوسيط سلام، فقد شارك عمليا في تمديد المجازر بصمته الطويل، وبتوفير الغطاء السياسي والمالي للآلة الصهيونية وبتمويل الابادة . ويبدو ان انقلابه المفاجئ نحو «السلام» ليس سوى محاولة لغسل يديه من جرائم  ابادة المدنيين ولتحسين صورته أمام الرأي العام الأمريكي والدولي مع اقتراب الانتخابات ، لكنه، كعادته، لا يغيّر قناعاته بل يبدل خطاباته، تماما كما يبدّل صفقاته التجارية.
ويبدو ان البند الذي سيفجر الاتفاق هو ملف السلاح على اعتبار ان  بعض البنود تتحدث عن نزع سلاح المقاومة، وكأنها دعوة لتسليم رقبة غزة إلى جلادها .هذا الشرط هو محاولة جديدة لانتزاع ما لم تستطع الدبابات الصهيونية تحقيقه بالقوة غير أن المقاومة، التي صمدت لعامين كاملين تحت القصف والحصار، تعتبر سلاحها خطا أحمر لا مساومة فيه، لأنه رمز الكرامة وضمانة البقاء وهو ما  أكده مسؤول العلاقات الإعلامية في حركة حماس، محمود طه امس الاثنين بالقول انه  "لا ترامب ولا الإدارة الأمريكية ولا أي طرف بالعالم قادر على تفكيك سلاح المقاومة"، مشدِّدًا على التمسك بهذا السلاح حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني..
وفي العموم لا بد من التأكيد على أن صفقة ترامب المريبة، وإن كتب لها النجاح – وهو أمر يستبعده كثيرون – ليست سوى ثمرة لصمود غزة ،  فكل ما تحقق جاء بفضل تضحيات شعب واجه العالم وحده، كما تبقى الحقيقة الوحيدة الثابتة أن لا ضمانات مع الغزاة، ولا سلام مع القتلة.
ناجح بن جدو 
 

تعليقات الفيسبوك