مع الشروق : قوة جديدة...تعيد رسم المعادلات

مع الشروق : قوة جديدة...تعيد رسم المعادلات

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/02

طرحت الأحداث الجارية في المغرب الشقيق ولادة جيل جديد منعتق من الأيديولوجيات ومن ممارسة السياسة بمفهومها الكلاسيكي ومن اجترار الشعارات التي لم يعد لها ارتباط بالواقع، جيل رقمي بامتياز يطالب بالأفضل ويؤمن بكونية حقوق الإنسان وهو ما لاحظناه في انخراطه في أكبر المدن والعواصم الغربية في الدفاع عن القضية الفلسطينية وإدانة جرائم الإبادة الجماعية التي يشنّها الصهاينة في غزة.
فمنذ سنوات، بات واضحا أنّ جيلا جديدا من الشباب لا يقبل أن يكون متفرّجا على تغيّر العالم بل صار جزءا من هذا التغيير ويحاول فرضه على الواقع وهو ما يسمى بجيل «ز»، الذي يُشكّل اليوم فاعلا محوريّا في المعادلات الاجتماعية والسياسية، ليس فقط في بلدانهم، بل على مستوى القضايا العالمية، لا سيما القضية الفلسطينية.
ومن النيبال مرورًا بالمغرب وكبريات المدن الغربية، يشيّد هذا الجيل مسارا غير مألوف في معادلات السياسة يُدمج الاحتجاج والوعي الرقمي والضغط الشعبي، بعيدًا عن البيروقراطية التقليدية والقيادة الحزبية المعتادة، وهو ما ينبغي الوقوف عنده من صناع السياسات في عالمنا بعيدا عن القوالب الجاهزة.
في النيبال مثلا، شهدنا انتفاضة شبابية غير مسبوقة لفتت أنظار العالم، بعد أن فرضت الحكومة حظرا على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، رفضها المحتجون الذين توسعت احتجاجاتهم لتصبح رفضا للفساد، وللمحسوبية، ولغياب الشفافية ولعدم المساواة الاقتصادية، حيث استخدم الشباب الوسائط الرقمية كمنصة للتنسيق والتعبير، بدون قيادة مركزية، في شكل أفقي يتحدّى الآليات التقليدية.
المغرب الشقيق لم يكن بعيدا عن هذا الزخم العالمي، من خلال ظهور تحرك يقوده شباب ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسميات مثل “GenZ 212”. ، في احتجاجات تنادي بجملة من الإصلاحات الاجتماعية والحقوق الأساسية، فضلا عن الدور الفاعل الذي يلعبه هذا الجيل في دعم القضية الفلسطينية، ليس بالمشاركة الميدانية فقط، بل من خلال التعبئة الرقمية، والمناشدات العالمية، وحملات «الهاشتاغ» على منصات التواصل، والمطالبات السياسية في الجامعات والمجالس البرلمانية في الغرب. 
هذا الدعم المؤثر والفارق، يعكس إدراكًا أنّ القضية الفلسطينية أصبحت جوهر اختبار القيم العالمية لحقوق الإنسان، والعدالة، والمساواة، من خلال جيل يرى في التضامن مع فلسطين معركة أخلاقية، تربط بين النضال من أجل الحريات والسياسات المناهضة للتمييز، ولا ينتظر الخطابات بل ينتجها وينظّم ويحوّل رؤيته إلى فعل مباشر متجاوزا بذلك النخب الكلاسيكية وشعاراتها التقليدية.
هاشم بوعزيز

تعليقات الفيسبوك