مع الشروق : سلاح المقاومة مرهون بزوال الاحتلال

مع الشروق : سلاح المقاومة مرهون بزوال الاحتلال

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/25

دخلت الهدنة الهشة التي تم التوصل اليها برعاية الرئيس الامريكي بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة أسبوعها الثاني، لكنها لم تكن كما كان يأمل البعض ،  فقد شهدت الأيام الأخيرة العديد من الخروقات من جانب الاحتلال، الذي لطالما تميز بكسره للعهود والمواثيق عبر تاريخه، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول مدى صدق نواياه في الالتزام بالهدنة أو الوصول إلى حلول حقيقية.
ففي الوقت الذي يطالب فيه الاحتلال نزع سلاح المقاومة كشرط لاستمرار الهدنة، يُغض الطرف عن ممارساته العدوانية التي لم تتوقف لحظة وهو تناقض صريح مدعوم من الغرب يعزز من شكوك الفلسطينيين حول نوايا الاحتلال التي تظل دائما موجهة نحو الاستمرار في حرب الإبادة والمجازر، بدلا من بناء عملية سلام جادة مثلما يدعيه الرئيس الامريكي وشركاؤه المطبعون الذين يقفون في صف الاحتلال ضد المقاومة ويطالبون بالضغط على الفصائل لنزع سلاحها في وقت يسكتون امام الانتهاكات الصهيونية اليومية سواء في غزة او الضفة التي تتعرض لعملية ابتلاع صامتة .
ويبدو طبيعيا موقف الفلسطينيين المبدئي الرافض لمقترح نزع السلاح وهو موقف نابع من تجارب مريرة شهدها الشعب الفلسطيني طوال سنوات الاحتلال ، فالتاريخ يذكرهم بالتجربة المريرة المشابهة عندما قرّرت منظمة التحرير الفلسطينية التخلي عن سلاحها الثقيل في لبنان عام 1982، والذي انتهى بمجزرة صبرا وشاتيلا، ما جعل الفلسطينيين يعيدون حساباتهم حول جدوى الرهان على الضمانات الدولية التي غالبا ما تظل حبرا على ورق.
 فالسلاح الفلسطيني عبر التاريخ لم يكن موجها للهجوم بل هو أداة دفاع شرعي لحماية الأرض والإنسان في مواجهة آلة العدوان الصهيوني وهو ما تؤكده  المقاومة الفلسطينية، من خلال فصائلها المختلفة، بالقول إن سلاحها هو الضمانة الوحيدة لبقاء الشعب الفلسطيني وصموده في مواجهة الاحتلال، خاصة في ظل صمت المجتمع الدولي والتخاذل العربي. وإذا كان الاحتلال يطالب بنزع السلاح، فإن هذا يعتبر محاولة لفرض الاستسلام على الفلسطينيين، وهو ما يعتبره كثيرون خيانة لتضحيات الشعب الفلسطيني على مر السنين ، كما أن أي مساس بهذا السلاح سيعتبر تنازلا عن حقوق أساسية، وسيؤدي إلى فتح الباب أمام مزيد من المجازر والتهجير.
ومن ناحية أخرى يرى البعض أن الطلب بنزع سلاح المقاومة هو جزء من استراتيجية الاحتلال لتسويف المفاوضات وإطالة أمد الحرب بدلا من إنهائها و أن هذا المطلب ليس إلا مناورة تهدف إلى إضعاف المفاوض الفلسطيني، وتخفيف الضغط عن الاحتلال.
كل هذا يدعونا إلى الحذر والاستماع إلى الموقف الفلسطيني الصلب الذي يؤكد أنه طالما بقي الاحتلال قائما، فإن المقاومة ستظل ضرورة حتمية لكل فلسطيني ، ومن هنا نستحضر كذلك  مفارقة أخرى غريبة وهي لماذا في الوقت الذي يطالب فيه الاحتلال بنزع سلاح المقاومة، لا نجد أي دعوة مماثلة لنزع سلاح الاحتلال الذي يقتل ويدمر كل يوم؟! .. هذا التناقض يكشف بوضوح زيف الدعوات لسلام دائم، طالما أن الاحتلال مستمر في عدوانه، لا يراعي حقوق الفلسطنيين.  في هذا السياق، تؤكد حركة حماس والفصائل المقاومة أن سلاحها سيبقى في يد الشعب الفلسطيني ما بقي الاحتلال، وأنها لن تساوم أبدا على حقها في الدفاع عن نفسها وأرضها، مهما كانت الضغوط.
ومن هذا المنظور، فإن وقف الحرب أو الهدنة لا يمكن أن يُبنى على التنازل عن حقوق الفلسطينيين أو نزع سلاحهم، بل يجب أن يبنى على معادلة حقيقية للسلام تشمل إنهاء الاحتلال، رفع الحصار، وإعادة بناء ما دمره الاحتلال ، لانه دون هذه الأسس، ستظل كل الدعوات للهدن والمخططات والصفقات مجرد أوهام، لا يمكنها حل القضية الفلسطينية وهي ليست سوى مسكنات سرعان ما تفقد مفعولها، لأنها لا تعالج جذور المشكلة ولا تقدم حلولا واقعية لحل القضية الفلسطينية.
ناجح بن جدو 
 

تعليقات الفيسبوك