مع الشروق .. خفايا التطبيع السوري مع الكيان الصهيوني !

مع الشروق .. خفايا التطبيع السوري مع الكيان الصهيوني !

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/05

في تطور خطير يعيد رسم خريطة المنطقة، يسير الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، بخطوات متسارعة نحو بوابة التطبيع مع الكيان الصهيوني، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ السيناريوهات التي طالما حذّرت منها قوى المقاومة.
ويبدو أن قرار واشنطن برفع العقوبات عن دمشق قبل يومين لم يكن بريئا، بل مثّل "كلمة السر" التي فتحت الباب أمام الشرع للشروع في هذا المسار المرفوض شعبيا.
تأتي هذه الخطوة الكارثية بعد سنوات من حرب مدمّرة أنهكت سوريا وشرّدت شعبها، لتكشف أن الجولان السوري المحتل لم يعد خارج الحسابات السياسية، بل بات مطروحا للتفاوض وربما التنازل، تحت ذرائع خادعة من قبيل "السلام" و"الاستقرار".
غير أن الواقع يفضح خلفيات هذا التحول؛ فإسقاط النظام السوري السابق لم يكن انتصارا لحرية أو ديمقراطية مزعومة، بل كان جزءا من مشروع أمريكي–صهيوني مدروس، هدفه تقويض محور المقاومة، وتمكين الكيان الصهيوني من إعادة رسم حدود النفوذ في المنطقة عبر أنظمة مُطوَّعة تخدم مصالحه وتُجهِز على ما تبقى من الموقف العربي المقاوم.
وقد كشفت عديد التقارير طوال السنوات الماضية بوضوح كيف عملت واشنطن وتل أبيب، منذ بداية الحرب على سوريا ، على رعاية فصائل مسلحة، بعضها محسوب على تيارات متطرفة، وقدمت لها الدعم اللوجستي والعسكري، وحتى الرعاية الطبية في مشافي الاحتلال. كل ذلك لم يكن عبثا، بل ضمن خطة ممنهجة لضرب الدولة السورية واسقاط نظام بشار الاسد ، وإعادة تشكيلها بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني أولا وأخيرا..
وقد كان البروفيسور جيفري ساكس، الاقتصادي المعروف وأستاذ جامعة كولومبيا، صريحا في كشف هذه الحقائق خلال مشاركته الأخيرة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، حيث أكد أن قرار الحرب في سوريا لم يكن ردة فعل على قمع داخلي، بل أمرا مباشرا من إدارة باراك أوباما في ربيع 2011 للإطاحة بالرئيس بشار الأسد وتعيين بديل من قادة الفصائل السلفية. وها نحن اليوم نشهد وصول شخصية مثل "أبو محمد الجولاني" إلى القصر الرئاسي في دمشق، وهو الذي كان ذات يوم أحد الوجوه البارزة في التنظيمات الارهابية، ليشكّل العنوان الجديد لـ "سوريا الجديدة" في ظل التطبيع والانبطاح.
هذه الحالة السورية المكشوفة والمتمثلة في اسقاط رئيس واستبداله بأحد معاولها تؤكد انه منذ اتفاقية سايكس بيكو، وصولا إلى مشاريع الشرق الأوسط الجديد، تواصل القوى الغربية استخدام أدواتها للهيمنة على المنطقة عبر خلق الفوضى واستبدال أنظمة بأنظمة موالية لها. ولم تكن واشنطن يوما نصيرا للديمقراطية، بل كما كشف ساكس، كانت وراء أكثر من 80 محاولة انقلاب وتغيير أنظمة حول العالم، معظمها لصالح قتلة وديكتاتوريين يخدمون مصالحها.
الرهان الصهيوني على تفكيك الدول العربية في طريقه ليرى النور اليوم في سوريا، لا عبر الجيوش، بل عبر "قيادة بديلة" تم تصنيعها في أوكار المخابرات الغربية، وها هي الآن تشرّع وجود إسرائيل على الجولان، في خيانة صريحة لدماء مئات الآلاف من السوريين الذين سقطوا في حرب لم تكن لأجلهم، بل لأجل إسرائيل.
ما يحدث اليوم في سوريا يمكن اعتباره نكبة جديدة ستعمق جراح الوطن العربي السائر نحو مستنقع التطبيع، ولا يمكن فصل التطبيع السوري الجاري اليوم عن السياق الجوهري للهجوم الغربي والصهيوني على قوى المقاومة، ومحاولات كسر إرادة شعوب المنطقة. وإذا كان الجولان اليوم على طاولة التنازل والتفريط ، فمن يضمن أن لا تكون حلب أو دمشق غدا؟
ناجح بن جدو 

تعليقات الفيسبوك