مع الشروق : الوضع في قابس و«الدبلوماسية البيئية»

مع الشروق : الوضع في قابس و«الدبلوماسية البيئية»

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/24

يوم الثلاثاء الماضي شدّ الحراك المدني السلمي الذي شهدته مدينة قابس الأنظار داخليا وخاصة خارجيا.. فهو الحراك الشعبي البيئي الأول من نوعه تقريبا الذي تعرفه بلادنا، وكان من التحركات الشعبية  البيئية القليلة التي عرفتها دول العالم والقارة الإفريقية. وبما أن أغلب الدول والحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية تتجه منذ سنوات نحو التعاطي بجدية وصرامة مع الملف البيئي وتأثيرات التلوث على التغيرات المناخية، فقد كان من الطبيعي ان يلفت الحراك الذي شهدته مدينة قابس  الانتباه باعتبار أن الأمر يتعلق بالدفاع عن البيئة والطبيعة من التلوث.  وكل ذلك من شأنه ان يساعد بلادنا على الاستفادة مما توفره المنظومة البيئية الدولية من مساعدات مالية وتقنية لتخفيف وطاة أزمة التلوث في قابس ..
وبعد ان لقيت مسيرة قابس صدى اعلاميا دوليا، لم يبق اليوم الا مزيد دعم ذلك عبر التحرّك الرسمي للسلطات الدبلوماسية الرسمية  تحت مظلة ما يعرف بـ«الدبلوماسية البيئية» التي اصبحت لا تقل شانا عن الدبلوماسية السياسية. و»الدبلوماسية الاقتصادية.. فالتحرك الدبلوماسي التونسي الرسمي لدى الدول المتقدمة (المتعهدة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بمساعدة الدول النامية في مجال المحافظة عل البيئة والمناخ ) ولدى المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالمجال البيئي وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة، بإمكانه أن يساهم في حشد المساعدات المالية والفنية والشراكات الممكنة والتعاون اما مع الدول او مع القطاع الخاص الاجنبي لإيجاد حلول للازمة البيئية في قابس..
تعلم كل الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالمجال البيئي ان الحد من الانبعاثات الصناعية الملوثة – كما هو الحال في قابس-  يتطلب التعاون الدولي من خلال  تنفيذ استراتيجيات وطنية وعالمية لتطوير تقنيات نظيفة، وتقليل الانبعاثات من الصناعة  والنقل.. لذلك فانه بإمكان تونس اليوم – عبر الدبلوماسية البيئية- استغلال صفتها كطرف شريك وفاعل في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بالمجال البيئي والمناخ (أبرزها اتفاقية باريس لسنة 2015) ومشاركاتها الدائمة في القمة الدورية للمناخ التي تنظمها الأمم المتحدة،  لمزيد الترويج للملف البيئي في قابس..
ان الترويج الدبلوماسي الجيد لمخاطر الملف البيئي في قابس سيمكن حتما من الإستفادة من المساعدات المالية والفنية واللوجيستية الضرورية التي ترصدها المعاهدات والاتفاقيات الدولية وذلك لإيجاد الحلول الملائمة لملف المجمع الكيميائي في قابس اما عبر تاهيله  وتطويره نحو «صفر انبعاثات» و «صفر تلوث» أو نقلته أو غير ذلك من الحلول. وقد سبق لعديد الدول أن استفادت من حلول مماثلة خصوصا اذا كان التلوث المعني بالتدخل يشكل خطرا على المنظومة المناخية والبيئية الكونية وليس الوطنية فحسب.
وتنص المعاهدات والاتفاقيات الدولية في هذا المجال على انه يجب على الدول المتقدمة توفير المساعدة المالية والتقنية للدول النامية لتمكينها من تبني سياسات وتكنولوجيات نظيفة. كما تلعب منظمات مثل الأمم المتحدة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والبرنامج الدولي للبيئة، والمنظمة البحرية الدولية أدوارًا حاسمة في وضع الأطر والمعايير وتنسيق الجهود الدولية في هذا المجال وهو ما على تونس التحرّك في إطاره للاستفادة من كل آليات الدعم والتعاون..
آن الأوان اليوم لأن تتحرك «الدبلوماسية البيئية» التونسية أكثر من أي وقت مضى، عبر وزارة الشؤون الخارجية وعبر تمثيلياتنا الدبلوماسية في الخارج ولدى المنظمات الدولية والاقليمية خاصة منظمة الأمم المتحدة لمزيد الترويج للازمة البيئية في قابس، خصوصا بعد أن ساهمت مسيرة الثلاثاء الماضي بقابس في الترويج لها دوليا. فذلك يمكن الإستفادة مما توفره الاطر القانونية الدولية في المجال البيئي من امتيازات لفائدة الدول النامية المتضررة من المخاطر البيئية أو التي تساهم في الأضرار بالمنظومة البيئية والمناخية الدولية من خلال الانبعاثات المتأتية من صناعتها كما هو الحال بالنسبة للمجمع الكيميائي بقابس.
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك