مع الشروق : المواطن جوهر المخطّط التّنموي وشريك في الدّولة الاجتماعيّة

مع الشروق : المواطن جوهر المخطّط التّنموي وشريك في الدّولة الاجتماعيّة

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/05/31

انطلقت المجالس المحلية في تنظيم لقاءات مع المواطنين في إطار الإعداد للمخطط التنموي القادم 2026 ـ 2030  لإبداء مقترحاتهم والمساهمة في رسم ملامح مستقبل التنمية بالجهة. ثمّ تُرفع المقترحات إلى المجالس الجهوية،  ومنها إلى مجالس الأقاليم ، لتؤسّس  هذه اللّقاءات المفتوحة قاعدة بيانات  تجعل كلّ جهة تحت المجهر وتشخّص احتياجاتها تشخيصا من الدّاخل وعن قرب ، وتساعد الدّولة على وضع مخططات النّهوض بهذه الولايات حسب أولوياتها المرصودة.
فيكون انطلاق إعادة البناء  في الجهات على قاعدة ما يراه المواطن ويعايشه ويلامسه من غياب  المرافق ،واهتراء البُنى التّحتية ، و تراجع الخدمات ونقص المعدّات، باعتبار أنّ عين المواطن ترى ما لا يراه المسؤول ، فهو الأقرب دائما لاحتياجاته وما يُشكّل معضلة من المعضلات تعرقل  السّير العادي لحياته .
وفكرة أن يكون المواطن طرفا فاعلا في وضع مخططات التّنمية من شأنها أن تكرّس مفهوم العدالة الاجتماعيّة ، وتعالج عديد الأمراض الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة في كلّ جهة حسب خصوصياتها ، حتّى تكون عملية الإنقاذ المجتمعيّ وليدة الواقع  وليست مُسقطة عليه ، تلبّي حاجيات المواطن على تلك الرقعة الجغرافية التي يعيش فيها، وتجعل التّنمية مطلبا  ينطلق من القاعدة ،  أي من الأسس الأولى ليصعد  إلى هياكل  الدّولة  ومؤسساتها السّاهرة على تنفيذها ويتحوّل إلى  قرار يعود على المواطن المعنيّة بالنّفع.
وبالتّالي فإنّ صعود صوت المواطن من القاعدة، يساهم في تلبية نقائصه، في الصحة والتّعليم، والنّقل والطرقات وشبكات التطهير ودور الثّقافة والتّرفيه والتّنشئة والرّعاية والخدمات، والمساحات الخضراء والمشاريع الاستثمارية  وغيرها،  لتندرج  في صلب بناء  ينطلق من عمق المجتمع إلى أعلى هرم، بما يعبّد الطريق بين الدّولة والمواطن في علاقة أفقية  تقوم  على الأخذ والرد والحوار ، بدل أن تكون قرارات التّنمية فيها عموديّة ومُسقطة وارتجاليّة أو ترْقيعيّة.
لهذا فتحت المجالس المحلية مجال الحوار للمواطن وجها لوجه ليرسم بنفسه ملامح مخطط التّنمية في جهته، ويكون شريكا فاعلا وعين الدّولة الّتي ترى من الدّاخل ما يمكن أن تسهو أو تغفل عنه لسنوات  أو تواجهه باللامبالاة . ولأنّ جوهر الفكرة يُبنى أساسا على المواطن في جرد ما ينقصه ،ليحظى بحياة كريمة وخدمات مقبولة، وظروف عيش طيّبة ومرنة  ، فإنّ جوهر تنفيذ هذه المطالب  بات يقوم على مخططات تكون وفيّة للواقع ، تُبنى  بدورها و في جوهرها  أساسا على المواطن المُلاحظ والرّقيب  ليكون هذا المواطن في النّهاية  الهدف التّنموي في  مفهومه الشّامل، من القاعدة إلى القمّة ، ومن تشخيص النقيصة إلى إيجاد الحل.
وقد نجحت الصين في اعتماد هذه المخططات الخاصة بكل ولاية من ولاياتها كل خمس سنوات،  وراهنت على انخراط المواطن في عملية البناء من التّشخيص إلى التخطيط وصولا إلى التّنفيذ، ونجحت في سنوات قليلة في التغلّب على الفقر الذي غرقت فيه في منتصف الثّمانينات ، لتهتدي إلى هذا الحل الإنقاذيّ القاعديّ ، وقد  تمكّنت من  ردْم هوّة الفوارق بين الولايات والمواطنين وخاضت حربا  تنمويّة شاملة  انطلاقا من المواطن وعودة إليه .
وبذلك فإنّ التعويل على المواطن في إعادة  البناء على أسس سليمة ووفق متطلّبات الولايات والجّهات ونقائصها من شأنه أن يضع القاطرة على السكّة لوضع المخططات، وهنْدسة العدالة الاجتماعيّة وتركيز أسس الدّولة الاجتماعية شرط المرور مباشرة وبجدّية إلى مرحلة الفعل  حتّى لا تسقط تلك الجّهود في الماء وتصطدم بصعوبة  التّمويل والتنفيذ وتكون في النّهاية إهدارا للجّهد والوقت .
وحيدة المي 
 

تعليقات الفيسبوك