مع الشروق.. الحِكْمة من حُكومة بلا أحزاب...
تاريخ النشر : 08:00 - 2020/08/21
رغم إعلان المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي عن اتجاهه نحو خيار حكومة كفاءات مستقلة، ورغم استحسان هذا الخيار من المواطنين والخبراء والمتابعين، بعد ما اتضح طيلة الأعوام الماضية فشل الحكومات ذات الطبيعة الحزبية ، إلا ان بعض الأطراف السياسية مازالت تُصرّ على المشاركة مُجددا في الحكم غير مبالية بالرفض الشعبي الذي أصبحت تواجهه وغير مكترثة بما سببته للبلاد خلال توليها الحكم من وضع كارثي على مختلف الاصعدة.
كل الأحزاب الكبرى أتيحت أمامها منذ 2012 إلى اليوم فرص تاريخية لإثبات جدارتها بالحكم ولتأكيد اخلاصها وتفانيها في خدمة الشأن العام، ولتقترب أكثر من المواطن وتحقق انتظاراته، وبعضها كرّر التجربة أكثر من مرّة مع مختلف الحكومات المتعاقبة. غير أنها لم تحسن التعاطي مع هذه الفرص لأنها اختارت منحى آخر يقوم أساسا على الأنانية وعلى الانشغال بخدمة مصالحها السياسية والحزبية الضيقة وعلى تصفية الحسابات مع الخصوم من اجل التشبث بالكراسي وعلى النزول بالعمل السياسي إلى أدنى مستوياته، بدل الانشغال بالمصلحة الوطنية. وهو ما تسبب في بلوغ البلاد مرحلة غير مسبوقة من التدهور الاقتصادي والفقر والبطالة والفوضى والفساد..
ورغم طبيعة النظام السياسي الذي يفرض من خلال الدستور تشريك الأحزاب الفائزة بالانتخابات في الحكم، إلا أن اختيار المشيشي حكومة كفاءات مستقلة لا يمكن اعتباره مسّا بوجود هذه الأحزاب أو حطّا من قيمتها او ابعادها نهائيا عن ممارسة السلطة. فهو قرار ظرفي اقتضته ضرورة المرحلة التي تميزت في الأشهر الأخيرة بارتفاع حدّة الصراعات السياسية للأطراف المشاركة في حكومة الفخفاخ وببلوغ البلاد جراء ذلك وضعية خطرة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وباقتراب الدولة من حافة الإفلاس. وأمام استحالة إيجاد التوافقات اللازمة بين الاحزاب لتشكيل حكومة جديدة، وفي ظل الخوف من تواصل إهدار الوقت، لم يكن من خيار أمام الأطراف الفاعلة سوى حكومة كفاءات مستقلة تكون بعيدة عن صراعات السياسيين التي ظلت طيلة السنوات الماضية وخاصة في عهد حكومتي الشاهد والفخفاخ معطلا حقيقيا للسير الطبيعي للدولة وللمصالح الحيوية للبلاد وللمواطن.
اليوم من المفروض أن تبارك هذه الأحزاب خيار هشام المشيشي استبعادها من الحكومة بدل انتقاده وبدل الإصرار على المشاركة فيها والرغبة في اجترار الفشل. فقد قدم لها بذلك خدمة كبرى تتمثل في منحها مهلة لمراجعة حساباتها حول طريقة ممارسة الحكم وإصلاح أخطائها التي ارتكبتها في السنوات الماضية عندما كانت على كراسي السلطة. فخلال هذه المهلة يمكنها أن تجد الوقت الكافي لتطوير أدائها وتحسين طريقة تفكيرها وتعاملها مع السلطة والاقتراب أكثر من المواطن قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وعندئذ بإمكانها العودة مجددا إلى الحكم بأكثر نجاعة وقوة. أما اليوم فلا مجال لاخراج البلاد من دائرة الخطر غير حكومة كفاءات مستقلة وما على الاحزاب إلا الاقتناع بهذا الخيار والعمل على إنجاحه عبر منح الثقة للحكومة في البرلمان ومساعدتها على أداء مهامها بعيدا عن كل أشكال التعطيل..
فاضل الطياشي
رغم إعلان المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي عن اتجاهه نحو خيار حكومة كفاءات مستقلة، ورغم استحسان هذا الخيار من المواطنين والخبراء والمتابعين، بعد ما اتضح طيلة الأعوام الماضية فشل الحكومات ذات الطبيعة الحزبية ، إلا ان بعض الأطراف السياسية مازالت تُصرّ على المشاركة مُجددا في الحكم غير مبالية بالرفض الشعبي الذي أصبحت تواجهه وغير مكترثة بما سببته للبلاد خلال توليها الحكم من وضع كارثي على مختلف الاصعدة.
كل الأحزاب الكبرى أتيحت أمامها منذ 2012 إلى اليوم فرص تاريخية لإثبات جدارتها بالحكم ولتأكيد اخلاصها وتفانيها في خدمة الشأن العام، ولتقترب أكثر من المواطن وتحقق انتظاراته، وبعضها كرّر التجربة أكثر من مرّة مع مختلف الحكومات المتعاقبة. غير أنها لم تحسن التعاطي مع هذه الفرص لأنها اختارت منحى آخر يقوم أساسا على الأنانية وعلى الانشغال بخدمة مصالحها السياسية والحزبية الضيقة وعلى تصفية الحسابات مع الخصوم من اجل التشبث بالكراسي وعلى النزول بالعمل السياسي إلى أدنى مستوياته، بدل الانشغال بالمصلحة الوطنية. وهو ما تسبب في بلوغ البلاد مرحلة غير مسبوقة من التدهور الاقتصادي والفقر والبطالة والفوضى والفساد..
ورغم طبيعة النظام السياسي الذي يفرض من خلال الدستور تشريك الأحزاب الفائزة بالانتخابات في الحكم، إلا أن اختيار المشيشي حكومة كفاءات مستقلة لا يمكن اعتباره مسّا بوجود هذه الأحزاب أو حطّا من قيمتها او ابعادها نهائيا عن ممارسة السلطة. فهو قرار ظرفي اقتضته ضرورة المرحلة التي تميزت في الأشهر الأخيرة بارتفاع حدّة الصراعات السياسية للأطراف المشاركة في حكومة الفخفاخ وببلوغ البلاد جراء ذلك وضعية خطرة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وباقتراب الدولة من حافة الإفلاس. وأمام استحالة إيجاد التوافقات اللازمة بين الاحزاب لتشكيل حكومة جديدة، وفي ظل الخوف من تواصل إهدار الوقت، لم يكن من خيار أمام الأطراف الفاعلة سوى حكومة كفاءات مستقلة تكون بعيدة عن صراعات السياسيين التي ظلت طيلة السنوات الماضية وخاصة في عهد حكومتي الشاهد والفخفاخ معطلا حقيقيا للسير الطبيعي للدولة وللمصالح الحيوية للبلاد وللمواطن.
اليوم من المفروض أن تبارك هذه الأحزاب خيار هشام المشيشي استبعادها من الحكومة بدل انتقاده وبدل الإصرار على المشاركة فيها والرغبة في اجترار الفشل. فقد قدم لها بذلك خدمة كبرى تتمثل في منحها مهلة لمراجعة حساباتها حول طريقة ممارسة الحكم وإصلاح أخطائها التي ارتكبتها في السنوات الماضية عندما كانت على كراسي السلطة. فخلال هذه المهلة يمكنها أن تجد الوقت الكافي لتطوير أدائها وتحسين طريقة تفكيرها وتعاملها مع السلطة والاقتراب أكثر من المواطن قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وعندئذ بإمكانها العودة مجددا إلى الحكم بأكثر نجاعة وقوة. أما اليوم فلا مجال لاخراج البلاد من دائرة الخطر غير حكومة كفاءات مستقلة وما على الاحزاب إلا الاقتناع بهذا الخيار والعمل على إنجاحه عبر منح الثقة للحكومة في البرلمان ومساعدتها على أداء مهامها بعيدا عن كل أشكال التعطيل..
فاضل الطياشي
