مع الشروق .. الاحتلال وورطة الاجتياح البري

مع الشروق .. الاحتلال وورطة الاجتياح البري

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/10/17

يقبع الاحتلال الآن، و الذي لا يزال غارقا أصلا في صدمة عملية "طوفان الأقصى، في ورطة جديدة هي اجتياح غزة برّيا التي تعتبر بمثابة الغرفة المظلمة التي لا يعرف الاحتلال ماذا ينتظره داخلها.
هناك خياران الآن أمام الكيان الصهيوني، الأول هو القيام باجتياح بري لقطاع غزة ودفع ثمن باهظ سواء في هذه المواجهة أو اقليميا حيث سيؤدي ذلك الى اشعال جبهات عديدة ضدّه، أو دوليا حيث ستنقلب الصورة ضدّه تماما، و الثاني مواصلة إبادة سكان غزة.
الخيار الأول وحسب المناقشات الدائرة داخل مؤسسات الاحتلال العسكرية والاستخباراتية وحتى السياسية يبدو أمرا صعبا أولا وبالغ الثمن ثانيا، والأكثر من ذلك عدم وجود استراتيجية واضحة لهذه العملية وكيفية الدخول والخروج منها وبأي نتيجة.
هذه المخاوف يشاركها مع الاحتلال حليفتهم الأكبر أمريكا، التي تبدو هي الأخرى مترددة في عملية الاجتياح البري، رغم تصريحات مسؤوليها الداعمة لذلك وهي تصريحات اعلامية وفي اطار الحرب النفسية أكثر منها موقف حاسم ونهائي.
هذا الاجتياح البري أيضا وإن تم فعليا وبصورة شاملة، سيفجّر المنطقة برمّتها وسيشعل جبهات مختلفة ضدّ الكيان الصهيوني بدءا من حزب الله اللبناني في جنوب لبنان والمقاومة في الجولان المحتل وصولا للمقاومة في اليمن.
ولن يقف الأمر بإشعال المقاومة لبقية المحاور، بل ستشتعل جبهات جديدة غير متوقعة تماما على غرار الأردن التي يكابد جيشها يوميا لمنع عشرات الآلاف من اقتحام الحدود مع الاحتلال.
أكثر من ذلك سيعود الاجتياح البري بالوبال على علاقات الكيان الصهيوني القائمة او التي بصدد القيام بها مع العالم العربي، وقد يراجع الجميع حساباته بطريقة غير مسبوقة خاصة أن الهوى الاقليمي والدولي أصبح مواتيا لذلك وما تجميد السعودية لعملية التطبيع إلا مجرّد بداية.
وحتى على الساحة الدولية التي تسيطر عليها الرواية الاسرائيلية في المواقف السياسية وفي المنابر الاعلامية، ستنقلب الأمور رأسا على عقب وتصبح في مصلحة فلسطين عموما وقطاع غزة خاصة.
والسؤال الآن هو هل سيخاطر الكيان الصهيوني بكل هذه الارتدادات ويقوم بعملية برية أغلب جنرالات الاحتلال يعتبرونها عملية انتحارية وغير معروفة النتائج؟ ففي النهاية الهدف من الاجتياح البري المنتظر هو انهاء حماس نهائيا ولكن هل يمكن فعلا القيام بذلك؟
أما الخيار الثاني أمام الاحتلال الآن فهو مواصلة عملية الابادة ضدّ قطاع غزة وربما القيام بعمليات اغتيال ضدّ قيادات حماس لاحقا، فالكيان يدرك جيدا إن انهاء الحرب بهذه الشاكلة سيعني خسارة مذلة غير مسبوقة وسيعني أيضا أن الجولة انتهت واليد عليا فيها للمقاومة.
يعرف الصهاينة جيّدا أن ابقاء الأمر على حاله بعد عملية "طوفان الأقصى" هو بمثابة تجرّع السم وهو بداية النهاية، باعتبار أن حماس وحتى الخصوم الاقليميين للاحتلال سيبنون على هذا الانتصار للمقاومة.
لذلك سيبحث الكيان الصهيوني-ان لم يقم باجتياح بري- عن نصر ما ليسترد به عملية الردع وأسطورة الجيش الذي لا يقهر الواهية اولا، وليرضي به جمهوره الداخلي ثانيا حيث ينتظر أن تنتهي حياة نتنياهو السياسية بعد أن ينقشع غبار هذه الحرب.
هي إذن مسألة حسابات دقيقة وخطيرة سيكون على الكيان الصهيوني القيام بها قبل اتخاذ أي خطوة، لأن الصورة هذه المرة غير سابقاتها والعالم يتغيّر عكس أهواء واشنطن والكيان المحتل.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك