مع الشروق : إنقاذ قطاع النقل مسؤولية كل الأطراف

مع الشروق : إنقاذ قطاع النقل مسؤولية كل الأطراف

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/01

هل  ستكون لإضراب أعوان النقل الذي امتد على مدى ثلاثة أيام انعكاسات إيجابية على هذا القطاع الحساس في المستقبل؟  أي معنى لإضراب في قطاع يعاني من شبه شلل واضح ولا يحقق مرابيح تجارية نتيجة ما يسوده من فوضى ولخبطة وتسيب وشبهات فساد وسوء تصرف وغياب الحوكمة الرشيدة؟ من المسؤول عن حالة التدهور التي بلغها قطاع النقل اليوم وهل مازال بالإمكان الإنقاذ والإصلاح والتطوير.؟
جملة من التساؤلات أثيرت لدى الراي العام هذه الأيام بمناسبة إضراب أعوان نقل المسافرين . ودون الخوض في تفاصيل الإضراب واسبابه ونسبة نجاحه وفي مطالب المضربين، فقد أجمع كثيرون على انه لا يمكن ان تتحقق من هذا الاضراب فائدة تذكر  ما لم تتّحد جهود الجميع، من سلطة وأعوان ومسؤولي شركات النقل والطرف النقابي من أجل التفكير حول سبل الإصلاح والتطوير العاجل وعلى المدى المتوسط...
إن مسؤولية تدهور حالة القطاع إلى المستوى الحالي تتحمّله كل الأطراف دون استثناء لانها لم تبذل طيلة الأعوام الماضية – وتحديدا منذ 2011- جهودا تذكر لحماية المكتسبات المحققة أولا ثم للتطوير والتحسين.. وسيظل الحل دائما هو الجلوس الى طاولة المفاوضات والاعتراف بالأخطاء وبما حصل من تقصير، والبحث عن الحلول العاجلة وخاصة الناجعة التي لا تكون مجرد حبر على ورق، وتقديم التنازلات من الطرفين وتجنب التصعيد..
ما يجب تأكيده هو أن المواطن كان الخاسر الأول مما حصل وعانى الأمرين لقضاء شؤونه على امتداد أيام الإضراب بسبب غياب وسائل النقل. وهي في الواقع معاناة متواصلة منذ اعوام نتيجة ما بلغه قطاع النقل من تدهور غير مسبوق من حيث الاكتظاظ وندرة وسائل النقل وغياب خدمات نقل جيدة وفي ظروف إنسانية.. وبكل تاكيد ستتواصل معاناته بعد هذا الاضراب أو قد تتضاعف ما لم يقع التفكير في حل مشترك بين كل الأطراف لإنقاذ القطاع وتحسينه وتطويره..
طيلة السنوات الماضية لم تهتد كل الأطراف المعنية داخل القطاع، من سلطة إشراف ومسؤولين واداريين وموظفين ومهندسين وأعوان داخل شركات النقل إلى الحلول التي تمكن من رفع المردودية المالية لأغلب الشركات وفي مقدمتها شركة نقل تونس بفرعيها الحافلات والمترو والشركات الجهوية وشركة النقل بين المدن وشركة السكك الحديدية ..فقد ظلت هذه الشركات مفلسة باستمرار وغارقة في الديون والأزمات المالية وغيرها من المظاهر "البائسة" الأخرى وكأن الامر يتعلق بشركات لا يقع تسييرها وفق إجراءات قانونية وإدارية ومالية رسمية..
وعلى امتداد السنوات المنقضية لم يقع الاهتداء مثلا  للحلول المتطورة التي تمنع الركوب المجاني ( الترسكية) والتي نجحت أغلب دول العالم بما في ذلك الدول العربية والافريقية في منعها. ولم يقع فرض رقابة صارمة ومتشددة داخل شركات النقل تقطع مع حالة الفوضى والتسيب في عملية التسيير والحوكمة ومع ما يحوم من شبهات فساد فيها .. ولم يقع التفكير في آليات لتخليص الشركات من العبء الثقيل للاجور والامتيازات وغيرها ولم يقع المرور الى وسائل ردعية حقيقية لمنع الاعتداء على وسائل النقل.
ومنذ 2011 لم تنجح الدولة في الحفاظ على ما تحقق داخل القطاع من مكاسب، وانشغلت عنه تماما على امتداد أكثر من 10 سنوات – كما هو الحال في بقية القطاعات- فلم يقع تجديد الأسطول ولم يقع التفكير في تطوير المحطات وفي منع ظاهرة الركوب المجاني. ولم توفر سلطة الاشراف مقومات الصيانة والتصليح من قطع غيار وغيرها، فترهل الأسطول وأصبح القطاع عاجزا  في السنوات الأخيرة عن تحقيق أية مردودية مالية وعن تلبية انتظارات المواطن..
ورغم تحرك الدولة في الأشهر الأخيرة نحو انقاذ ما يمكن إنقاذه عبر الشروع في تجديد اسطول الحافلات وعربات المترو، إلا ان القطاع سيظل في حاجة الى مجهود جماعي لتثمين هذا التوجه والحفاظ عليه ودعمه بإصلاحات أخرى تشمل ظروف النقل بشكل عام، من تحسين خدمات المحطات والبنية التحتية والردع المتشدد لكل مظاهر الإضرار بالقطاع مثل الاعتداءات على الأسطول والركوب المجاني وغيرها.. ويتطلب الإصلاح أيضا الابتعاد من كلا الطرفين عن الحلول القصوى التي تزيد من تفاقم الوضع نحو الأسوأ والبحث عن حلول وسطى وتقديم التنازلات. فدون قطاع نقل متطور لن يحصل التقدم الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، ولن تتمكن شركات النقل من تحقيق توازناتها المالية..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك