مع الشروق.. أين جامعة العرب في مأساة زلزال سوريا؟

مع الشروق.. أين جامعة العرب في مأساة زلزال سوريا؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/02/08

الزلزال المدمّر الذي ضرب في سوريا وتركيا مخلّفا آلاف القتلى والجرحى ودمارا كبيرا هزّ ضمائر كل البشر واستنهض همم الكثير من الدول والمؤسسات والهياكل الاقليمية والدولية التي تداعت لمدّ يد المساعدة والاسهام في التخفيف من هول المعاناة التي لحقت الشعبين السوري والتركي. وحدها جامعة الدول العربية لاذت بصمت القبور ونسيت على ما يبدو أن الجمهورية العربية السورية عضو مؤسس فيها ولها على هذا الهيكل العربي كل الحقوق التي يتمتع بها باقي الأعضاء لا سيما وأن سوريا كانت ضحية قرار ظالم أصدرته الجامعة وأدى إلى فتح أبواب الجحيم على سوريا دولة وشعبا وجيشا ومؤسسات مازالت لم تتعاف من تبعاتها إلى الآن.
عندما كان أعداء سوريا والأمة يشحذون سكاكينهم ويتأهبون لإشعال الحريق الكبير في سوريا لم يتردد عرب كثيرون في جمع الحطب ولم تتردد الجامعة العربية في توفير الغطاء لمهندسي جريمة العصر في حق بلد وشعب وحضارة. وكان قرار الجامعة بمثابة الضوء الأخضر الذي أطلق «الكلاب الضالة» تنهش في الجسد السوري. وبعد انكشاف خيوط المؤامرة الكبرى وافتضاح الوجوه القبيحة التي خططت للعدوان واستجلبت مليشيات الارهاب وعصابات القتل والتخريب من قرابة المائة دولة حول العالم للاسهام في تدمير سوريا وقتل شعبها وتخريب بنيتها التحتية.. بعد انكشاف المؤامرة كنا نظن بأن جامعة العرب سوف تسعى إلى التكفير عن خطاياها إزاء سوريا بأن تنهي اقصاءها وتنهي حصارها وتعيدها إلى موقعها الطبيعي صلب هيكل وضع أصلا لجمع العرب ولتوحيد صفوفهم وكلمتهم.. لكن الجامعة برزت بجبن ليس بعده جبن وعجزت عن التكفير ولو عن القليل من خطاياها.. واكتفت بالفرجة على سوريا وعلى الشعب السوري وهما يرزحان تحت حصار مدمّر يكبّل البلد برمته ويحرم ملايين البشر من حقوقهم الطبيعية في الحصول على الغذاء والدواء والطاقة والمياه.. إلى أن جاء الزلزال المدمّر الذي زاد في تعميق جراحات سوريا وفي تعميق معاناة ومأساة ملايين البشر في سوريا.
عندما حصلت الكارثة الطبيعية كنا نظنّ أن جامعة العرب سوف يرف جفنها لهذه المأساة.. وانها سوف تتخلّص هذه المرة من كل حساباتها ومكبّلاتها وسوف تتداعى إلى «اجتماع طارئ» تحضره وترأسه سوريا ويخصص للنظر في تبعات الزلزال وفي احتياجات سوريا لمجابهة هذه الكارثة الطبيعية التي تفوق في خطورتها وفي دماراتها وفي تبعاتها قدرة أقوى وأكبر الدول في العالم. كنا نظن ان جامعةالعرب سوف تسعى للتكفير عن ذنوبها ولمسح خطاياها في حق سوريا البلد والشعب وأن تهبّ لنجدة أشقائنا والاسهام في مسح دموع الأسى من عيونهم.. لكن شيئا من هذا لم يحدث. إذ برزت الجامعة كالعادة بالغياب زمن الحضور. وتركت المجال لمبادرات محمودة من بعض أعضائها مثل مصر والجزائر والامارات التي بادر قادتها بالاتصال مباشرة بالقيادة السورية للاطلاع على الأوضاع واستشراف سبل المساعدة. علاوة على مبادرة دول عربية أخرى بتوجيه برقيات التعاطف والحشد لارسال مساعدات. لكن كل هذا لا يُعفي الجامعة ككيان عربي وكهيكل اقليمي جعل ليكون بيتا لكل العرب من مسؤولية وواجب التحرك للتكفير عن الذنب الكبير ولوضع كل امكانتها وعلاقاتها على ذمة الدولة السورية وعلى ذمة الشعب السوري.. عساها تساهم في التخفيف من حجم المأساة وعساها تفلح في تضميد الجرح الكبير والغائر الذي تركه قرارها الظالم في وُجدان كل مواطن سوري.. يوم عزلت سوريا وأطلقت أيدي كلّ حمّالي الحطب ليشعلوا فيها الحريق الكبير.
فالزلزال يقتل ويدمّر... لكن الحصار أشدّ وقعا وجراحاته تمتد إلى الروح والوجدان... خاصة عندما يكون حصارا عربيا... أيضا.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك