مع الشروق: أمريكا في قمة هيروشيما... الجريمة والعقاب 

مع الشروق: أمريكا في قمة هيروشيما... الجريمة والعقاب 

تاريخ النشر : 07:08 - 2023/05/20

يقال ان المجرم عادة ما يعود الى مسرح الجريمة ، لان المجرم بعد ارتكاب الجريمة يعيش صراعا داخليا مع نفسه يقوده احيانا الى العودة الى محل ارتكاب الجريمة و كانه يفرض على ذاته الشعورية عقابا لا شعورياً… 


هذه الموقف او الحالة النفسية التي ابدع في تصويرها الكاتب الروسي المعروف دوستويفيسكي من خلال روايته الشهيرة “ الجريمة والعقاب “ تكاد لا تختلف عن الموقف الذي تعيشه الولايات المتحدة الامريكية الآن عبر قيادتها وهي تعود الى مدينة هيروشيما اليابانية لحضور اجتماعات قادة السبع بعد ان قامت بقصفها الى جانب مدينة ناغازاكي بقنبلة ذرية قبل 78 عاما !


وتشهد مدينة هيروشيما اليابانية منذ الخميس الماضي احتجاجات شعبية عارمة على خلفية اجتماعات قادة مجموعة السبع الكبار لمناقشة تشديد الخناق على الاقتصاد الروسي، والبحث في سبل مواجهة القوة العسكرية والاقتصادية المتنامية للصين.. 


ويتظاهر المحتجون ضد اقامة هذه الاجتماعات في مدينتهم ليس لكونها موجهة ضد روسيا و كوريا الشمالية و الصين فحسب ، و انما لوجود الولايات المتحدة الامريكية التي ابادت عشرات الالاف من ابائهم و اجدادهم خلال الحرب العالمية الثانية و مازالت مصرة على مواصلة عمليات الابادة في مناطق اخرى من العالم … و قد كان من بين الشعارات المرفوعة في الاحتجاجات “ لا للحرب النووية “ و “ لا للحرب و غزو الصين“ و “ لن نسمح بحرب عدوانية ضد الصين “ …


و لم يخف المحتجون كما يبدو من خلال هذه الشعارات، خشيتهم من تكرار جريمة قصف هيروشيما وناغازاكي بالسلاح الذري خلال الحرب العالمية الثانية ، خصوصا و أن الجاني او مرتكب الجريمة ، وهو الولايات المتحدة الامريكية، حاضر في هذه الاجتماعات و مازال يصر على عدم الاعتذار على جريمته في حق اليابانيين ، بل و يعمل من اجل خلق العداء بين بلدهم و البلدان المجاورة كالصين و كوريا الشمالية وتأجيج النزاعات و الحروب في العالم كما هو الحال في الحرب الروسية الاوكرانية … 


ويصرّ قادة الولايات المتحدة الامريكية الى اليوم على عدم الاعتذار على جريمة هيروشيما و ناغازاكي ، اذ صرح مستشار الأمن القومي الامريكي مؤخرا ، بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن لن يعتذر عن قصف مدينة هيروشيما اليابانية، خلال زيارته لحضور قمة مجموعة السبع … 


واذا كان بطل رواية ديستوفسكي “ الجريمة و العقاب” (راسكولنيكوف) قد فرض على نفسه في النهاية العودة الى مكان الجريمة والاعتراف بما اقترفه في محاولة للتكفير عن ذنبه و الاعتذار عما فعله ، فان الولايات المتحدة الامريكية لم تكتف بإصرارها على عدم الاعتذار على جريمة هيروشيما وناغازاكي ، والتي ربما ترى فيها عقابا قانونيا ضد كل من يجرؤ على معارضتها او الخروج عن سياستها ، بل عادت لمكان الجريمة من اجل مواصلة مسلسل العقوبات ضد روسيا و الصين و غيرهما و التحريض ضد كل من يخرج عن سياستها و التحضير ربما لجرائم نووية اخرى في أوروبا وآسيا …  


محسن عبد الرحمان

تعليقات الفيسبوك