مع الشروق .. أزمة الهجرة والبراغماتية المطلوبة
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/09/28
ليس من العبثية أن يتحوّل ملف الهجرة من مجرد تصدير لأزمات من الغرب نحو دول بعينها ومن بينها تونس والسعي إلى تحميلها وزر هذه الأزمة وإغراقها بالمهاجرين غير الشرعيين بالاستعانة بأذرعها الداخلية إلى ما يشبه حالة انقلاب السحر على الساحر بعد أن أضحت ظاهرة بدأت تتخذ منحى لا يمكن التكهن بنتائجه ولا بمدى القدرة على السيطرة عليه.
فلا ريب أن أدفاق الهجرة المتعاظمة نحو السواحل الشمالية للمتوسط بشكل أقض مضاجع العواصم الأوروبية ليس إلا نتاجا طبيعيا لسياسات مازالت تحنّ إلى الماضي الاستعماري في دول نالت استقلالا مكتوبا ولكنها لم تتخلص من التبعية والارتهان للمستعمر القديم الذي ترك هناك أنظمة تدين له بالولاء وتستمد استمرارها في السلطة من المظلة والحماية التي توفرها له عواصم بعينها مازالت إلى اليوم تستنزف خيرات تلك الدول الإفريقية الغنية بمواردها ولكن شعبها- ويا للمفارقة- يرزح تحت درجة الصفر من الفقر والفاقة.
فحشود المهاجرين من الضفة الجنوبية للمتوسط نحو الشمال الأوروبي بذلك الزخم وتلك الكثافة دقّ ناقوس الخطر في روما ومنها إلى عواصم أخرى ومنها باريس الذين سارع كلاهما إلى الحشد لمواقف سياسية وأمنية أوروبية وحتى دولية لإيقاف هذا النزيف والدفع نحو تطبيق مذكرة التفاهم مع تونس التي مازال الانقسام واضحا حولها في الداخل الأوروبي وحتى ضمن الهياكل بما جعلها معطّلة إلى حدّ الآن.
ولم تقف ردود الفعل الإيطالية والفرنسية عند حدود المواقف السياسية في مقاربة ملف الهجرة وعلاقته ببلادنا وتعدتها إلى الحديث عن مقاربات أمنية لم تجد استساغة في الداخل التونسي من قبيل تفعيل مهمة صوفيا التي تعني تسيير دوريات بحرية لإيقاف القوارب وإرسال خبراء من الجانب الفرنسي في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات التونسية عن قيامها بحملات أمنية ضخمة لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتعقب الضالعين في الاتّجار بالبشر.
ويبدو أنّ مقاربات هذه الأزمة والتصريحات المتواترة من هذا الطرف وذاك مازالت تثير بين الطرفين التونسي والأوروبي بعضا من النقاط العالقة والحساسة التي ينبغي حسمها في ظلّ عدم الانطلاق في تفعيل مذكرة التفاهم وبروز أصوات من الداخل الأوروبي تنتقدها مثل ألمانيا على خلفية تقييمها للوضع السياسي في بلادنا.
وقد يكون قرار رئيس الجمهورية صلب مجلس الأمن القومي بتأجيل زيارة وفد من المفوضية الأوروبية إلى موعد لاحق لأسباب لم تعلن رسميا هو الحلقة التي تشي بموقف سياسي يمكن قراءته ضمن مقاربة تشير إلى وجود اختلافات لم تصل بعد إلى مرحلة الخلافات في ملف حارق وخطير له تداعياته على جميع الأطراف المعنية على جميع الأصعدة ويحتاج الكثير من الصبر والحنكة وحسن استعمال الأوراق .
هاشم بوعزيز
ليس من العبثية أن يتحوّل ملف الهجرة من مجرد تصدير لأزمات من الغرب نحو دول بعينها ومن بينها تونس والسعي إلى تحميلها وزر هذه الأزمة وإغراقها بالمهاجرين غير الشرعيين بالاستعانة بأذرعها الداخلية إلى ما يشبه حالة انقلاب السحر على الساحر بعد أن أضحت ظاهرة بدأت تتخذ منحى لا يمكن التكهن بنتائجه ولا بمدى القدرة على السيطرة عليه.
فلا ريب أن أدفاق الهجرة المتعاظمة نحو السواحل الشمالية للمتوسط بشكل أقض مضاجع العواصم الأوروبية ليس إلا نتاجا طبيعيا لسياسات مازالت تحنّ إلى الماضي الاستعماري في دول نالت استقلالا مكتوبا ولكنها لم تتخلص من التبعية والارتهان للمستعمر القديم الذي ترك هناك أنظمة تدين له بالولاء وتستمد استمرارها في السلطة من المظلة والحماية التي توفرها له عواصم بعينها مازالت إلى اليوم تستنزف خيرات تلك الدول الإفريقية الغنية بمواردها ولكن شعبها- ويا للمفارقة- يرزح تحت درجة الصفر من الفقر والفاقة.
فحشود المهاجرين من الضفة الجنوبية للمتوسط نحو الشمال الأوروبي بذلك الزخم وتلك الكثافة دقّ ناقوس الخطر في روما ومنها إلى عواصم أخرى ومنها باريس الذين سارع كلاهما إلى الحشد لمواقف سياسية وأمنية أوروبية وحتى دولية لإيقاف هذا النزيف والدفع نحو تطبيق مذكرة التفاهم مع تونس التي مازال الانقسام واضحا حولها في الداخل الأوروبي وحتى ضمن الهياكل بما جعلها معطّلة إلى حدّ الآن.
ولم تقف ردود الفعل الإيطالية والفرنسية عند حدود المواقف السياسية في مقاربة ملف الهجرة وعلاقته ببلادنا وتعدتها إلى الحديث عن مقاربات أمنية لم تجد استساغة في الداخل التونسي من قبيل تفعيل مهمة صوفيا التي تعني تسيير دوريات بحرية لإيقاف القوارب وإرسال خبراء من الجانب الفرنسي في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات التونسية عن قيامها بحملات أمنية ضخمة لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتعقب الضالعين في الاتّجار بالبشر.
ويبدو أنّ مقاربات هذه الأزمة والتصريحات المتواترة من هذا الطرف وذاك مازالت تثير بين الطرفين التونسي والأوروبي بعضا من النقاط العالقة والحساسة التي ينبغي حسمها في ظلّ عدم الانطلاق في تفعيل مذكرة التفاهم وبروز أصوات من الداخل الأوروبي تنتقدها مثل ألمانيا على خلفية تقييمها للوضع السياسي في بلادنا.
وقد يكون قرار رئيس الجمهورية صلب مجلس الأمن القومي بتأجيل زيارة وفد من المفوضية الأوروبية إلى موعد لاحق لأسباب لم تعلن رسميا هو الحلقة التي تشي بموقف سياسي يمكن قراءته ضمن مقاربة تشير إلى وجود اختلافات لم تصل بعد إلى مرحلة الخلافات في ملف حارق وخطير له تداعياته على جميع الأطراف المعنية على جميع الأصعدة ويحتاج الكثير من الصبر والحنكة وحسن استعمال الأوراق .
هاشم بوعزيز