مع الشروق : «يكاد زيتها يضيء ولو لـم تعلوه علامة»!
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/03
في مثل هذه الفترة من كل عام ، يضيء زيت تونس جودة و نقاءً ووفرةً، لكنه يغادر البلاد بلا اسم، بلا هوية، بلا علامة تجارية تونسية في تتجاهل لهذه الثروة الثمينة التي حبانا بها الرحمان .
آلاف الفلاحين والفلاحات يكدّون على طول العام ، ويشقون في هذه الفترة فجرا تحت حرارة الشمس وتقلبات الطقس لجني ثمار هذه الشجرة المباركة، لكن تعبهم غالبا ما يذهب بلا مقابل عادل يثمن جهدهم ومنتوجهم ويرفع من قيمته في الأسواق العالمية.
صابة هذا العام وحسب التوقعات تقدر ب 500 ألف طن من زيت الزيتون، أي انها من أكبر المحاصيل في السنوات الاخيرة ، لكن اغلب هذه الصابة سيروج كزيت سائب بلا علامة تجارية تُعرّف بهذا الوطن العزيز.
حتى نهاية سبتمبر 2025 بلغت صادراتنا 268 ألف طن، أي بزيادة 41 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي، ومع ذلك تراجعت المداخيل من 5 مليارات دينار إلى 3.6 مليارات فقط في مفارقة صارخة: نُصدّر أكثر… ونربح أقل! والسبب واضح: الزيت يُباع " سائبا "خامًا ويُعاد تعبئته بأسماء أجنبية في دول منافسة ، بينما الفلاح التونسي يُطارد السعر ويخاف الخسارة، ويعيش مع تقلبات السوق دون حماية حقيقية تحميه وتحمي المستهلك التونسي ليسعد ويتناول منتوجه الوطني بسعر يراعي مقدرته الشرائية .
الارقام تقول أن 85 بالمائة من صادرات الزيت التونسي تُغادر البلاد في شكل سائـب، فيما لا تتجاوز الكميات المعلبة 15 بالمائة ..والقراءة في هذه الارقام تقول هو نزيف اقتصادي حقيقي بسب غياب رؤية ثابتة تعتبر الزيتون “قطاع سيادة” لا مجرد موسم فلاحي موسمي.
يتحدث الخبراء وممثلو وزارة الفلاحة التجارة كثيرًا عن التصدير وعن العلامة التونسية، لكنهم يتركون الفلاح يواجه السوق وحده. .لا تسويق ولا خطة تحفيز للتعليب، لا دبلوماسية اقتصادية نشطة، ولا مؤسسات تسويقية قادرة على حماية المنتوج من تقلبات الأسعار والمضاربين. بل حتى البنوك لا ترافق الفلاح إلاّ في القروض وفوائده ، بينما الوسطاء والتجار يكسبون أكثر من تعب الفلاح وجهده، ويحوّلون نضاله اليومي إلى أرباح شخصية.
المنطق التجاري والاقتصادي يفرض التفكير في فتح أسواق جديدة للزيت التونسي، ليس فقط للحفاظ على العائدات وتنميتها ، بل لتثبيت صورة تونس كمنتج عالمي لزيت الزيتون. فالأسواق الآسيوية، وأسواق أمريكا الشمالية مع اسواقنا الكلاسيكية الاوروبية ، يمكن أن تصبح منبرا للمنتوج التونسي، شرط توفير الدعم للتصدير، وتسهيل إجراءات التسويق، والترويج للزيت التونسي المعبأ تحت علامة وطنية وإقناع المستهلك العالمي بقيمته وجودته الفائقة.
اليوم، "العالم " يربح من زيت تونس الصافي النقي أكثر مما تربح تونس نفسها ،والمطلوب سياسة واضحة : هيئة عليا لترويج الزيت المعلّب، دعم مباشر للفلاح، حملات تسويقية وطنية وعالمية وتسهيلات للحصول على التمويل، وتسهيل التصدير ، فالزيت ليس مجرد منتوج وطني فلاحي ، بل " هوية " تُروج .
سيبقى موسم الزيتون فصلًا من فصول الجمال التونسي، لكنه لن يصبح فصلاً من فصول النهوض ما لم نغيّر نظرتنا إلى هذه الشجرة المباركة، فزيتنا وقوارصنا وتمورنا وتفاحنا ورماننا بجودته العالية بإمكانه ان يتحول الى رسالة لكل العالم عن تونس، أرض الشمس، والكرم، والصبر، والعمل الدؤوب الذي يحرص على رفعة اسم الوطن.
راشد شعور
في مثل هذه الفترة من كل عام ، يضيء زيت تونس جودة و نقاءً ووفرةً، لكنه يغادر البلاد بلا اسم، بلا هوية، بلا علامة تجارية تونسية في تتجاهل لهذه الثروة الثمينة التي حبانا بها الرحمان .
آلاف الفلاحين والفلاحات يكدّون على طول العام ، ويشقون في هذه الفترة فجرا تحت حرارة الشمس وتقلبات الطقس لجني ثمار هذه الشجرة المباركة، لكن تعبهم غالبا ما يذهب بلا مقابل عادل يثمن جهدهم ومنتوجهم ويرفع من قيمته في الأسواق العالمية.
صابة هذا العام وحسب التوقعات تقدر ب 500 ألف طن من زيت الزيتون، أي انها من أكبر المحاصيل في السنوات الاخيرة ، لكن اغلب هذه الصابة سيروج كزيت سائب بلا علامة تجارية تُعرّف بهذا الوطن العزيز.
حتى نهاية سبتمبر 2025 بلغت صادراتنا 268 ألف طن، أي بزيادة 41 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي، ومع ذلك تراجعت المداخيل من 5 مليارات دينار إلى 3.6 مليارات فقط في مفارقة صارخة: نُصدّر أكثر… ونربح أقل! والسبب واضح: الزيت يُباع " سائبا "خامًا ويُعاد تعبئته بأسماء أجنبية في دول منافسة ، بينما الفلاح التونسي يُطارد السعر ويخاف الخسارة، ويعيش مع تقلبات السوق دون حماية حقيقية تحميه وتحمي المستهلك التونسي ليسعد ويتناول منتوجه الوطني بسعر يراعي مقدرته الشرائية .
الارقام تقول أن 85 بالمائة من صادرات الزيت التونسي تُغادر البلاد في شكل سائـب، فيما لا تتجاوز الكميات المعلبة 15 بالمائة ..والقراءة في هذه الارقام تقول هو نزيف اقتصادي حقيقي بسب غياب رؤية ثابتة تعتبر الزيتون “قطاع سيادة” لا مجرد موسم فلاحي موسمي.
يتحدث الخبراء وممثلو وزارة الفلاحة التجارة كثيرًا عن التصدير وعن العلامة التونسية، لكنهم يتركون الفلاح يواجه السوق وحده. .لا تسويق ولا خطة تحفيز للتعليب، لا دبلوماسية اقتصادية نشطة، ولا مؤسسات تسويقية قادرة على حماية المنتوج من تقلبات الأسعار والمضاربين. بل حتى البنوك لا ترافق الفلاح إلاّ في القروض وفوائده ، بينما الوسطاء والتجار يكسبون أكثر من تعب الفلاح وجهده، ويحوّلون نضاله اليومي إلى أرباح شخصية.
المنطق التجاري والاقتصادي يفرض التفكير في فتح أسواق جديدة للزيت التونسي، ليس فقط للحفاظ على العائدات وتنميتها ، بل لتثبيت صورة تونس كمنتج عالمي لزيت الزيتون. فالأسواق الآسيوية، وأسواق أمريكا الشمالية مع اسواقنا الكلاسيكية الاوروبية ، يمكن أن تصبح منبرا للمنتوج التونسي، شرط توفير الدعم للتصدير، وتسهيل إجراءات التسويق، والترويج للزيت التونسي المعبأ تحت علامة وطنية وإقناع المستهلك العالمي بقيمته وجودته الفائقة.
اليوم، "العالم " يربح من زيت تونس الصافي النقي أكثر مما تربح تونس نفسها ،والمطلوب سياسة واضحة : هيئة عليا لترويج الزيت المعلّب، دعم مباشر للفلاح، حملات تسويقية وطنية وعالمية وتسهيلات للحصول على التمويل، وتسهيل التصدير ، فالزيت ليس مجرد منتوج وطني فلاحي ، بل " هوية " تُروج .
سيبقى موسم الزيتون فصلًا من فصول الجمال التونسي، لكنه لن يصبح فصلاً من فصول النهوض ما لم نغيّر نظرتنا إلى هذه الشجرة المباركة، فزيتنا وقوارصنا وتمورنا وتفاحنا ورماننا بجودته العالية بإمكانه ان يتحول الى رسالة لكل العالم عن تونس، أرض الشمس، والكرم، والصبر، والعمل الدؤوب الذي يحرص على رفعة اسم الوطن.
راشد شعور