مع الشروق..من ينفخ على نار صِدام الحضارات؟

مع الشروق..من ينفخ على نار صِدام الحضارات؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/01/25

تجتاح الدول الاسكندنافية هذه الأيام موجة عداء للإسلام وللمسلمين. موجة دفعت الكثيرين إلى الانخراط في عمليات منظمة لتمزيق وحرق القرآن الكريم. وتبلغ الغرابة مداها حين نعلم أن عمليات حرق القرآن الكريم تتم في «مواكب» تحرسها القوات الأمنية.. وهو ما يشي بأن سلطات هذه البلدان ضالعة بصفة أو بأخرى في تغذية عمليات معاداة الاسلام تحت لافتة «حرية التعبير»..
فقد تكرر المشهد في الأيام الأخيرة ليصبح استفزازا صارخا لمشاعر مئات ملايين المسلمين. ولئن كانت هذه الجرائم النكراء من صنيع أعداد قليلة من المتطرفين إلا أن تواترها في المدة الأخيرة وحصولها على حمية رجال الشرطة يطرحان أكثر من سؤال حوال دوافع هذه الحملات الممنهجة.. وكذلك حول أهدافها الخفية وإن كانت تصب في خانة مخط خبيث يهدف إلى التحريض على المسلمين والحث على طردهم من بلاد الاقامة.. من خلال استفزازهم وبالتالي استدعاء ردود فعل غاضبة ومتشنجة من بعض التيارات الاسلامية المتطرفة الجاهزة لمقارعة التطرف بتطرف أشدّ منه.. وهو ما قد يوفر«مبررات» تحتاجها خطط هؤلاء لإنهاء الوجود الاسلامي على الأراضي الاسكندنافية..
السلطات التي تسمح بمثل هذه الانحرافات وتتبجح بأنها رخصت لمواكب لتمزيق القرآن الكريم وليس لحرقه تعلم علم اليقين أن مجرد تمزيق المصحف الكريم استفزاز صارخ لمشاعر قرابة الملياري مسلم.. وتعلم أنه عمل مدان لا يمت إلى حرية التعبير بصلة.. لأننا لا نرى مكامن الحرية والابداع في تمزيق كتاب مقدس لأمة بأسرها.. كما أن هذه السلطات تدرك جيد الادراك أن السماح بمثل هذه الأعمال المدانة هو بمثابة الضوء الأخضر لكل الانحرافات من قبل حرق أو تدنيس القرآن الكريم بما يعد جريمة في حق المسلمين واعتداء فاضحا على كتابهم المقدس.. فلماذا تسمح السلطات هناك بمثل هذه الانحرافات؟
قد يبرّر البعض بأن الأمر يدخل في خانة حرية التعبير.. وبأن مناخات الحرية الموجودة هناك تتيح هوامش لتعبيرات من هذا القبيل. لكن مثل هذه الحجج الواهية مردودة على أصحابها، لأن حرية التعبير والحرية في المطلق مقيّدة بسقف قانوني يحول دون تحويلها إلى أداة للاعتداء على حرية الآخرين ولاستفزازهم وللتعدي على مشاعرهم وكرامتهم واستهداف مقدساتهم وعقائدهم وإلا تحوّلت الحرية إلى سيف مشرّع لتعميم الفوضى واستدعاء ردود الفعل الغاضبة قد تكون  بأساليب ووسائل أكثر حدّة وقد لا تتوقف عند الكلام  والصراخ.. ثم أننا لا نحسب ولو للحظة أن هناك سلطة على وجه الأرض لا تدرك ولا تقدّر حساسية مثل هذه المسائل وحجم تأثيراتها السلبية على مشاعر المسلمين.. وبأنها تعدّ أفضل هدية تقدم للمتطرفين في الشقين لأن كل تطرف يستدعي بالضرورة  تطرفا مضادا.. وبذلك تتعمق دائرة الصدام الحضاري بين المسلمين والغرب ويغرق العالم في دوامة الفعل وردّ الفعل.. وقد عاش المجتمع الدولي حلقات دامية في هذا الاطار مازالت البشرية تتذكرها جيّدا ولا نحسب أن ذي عقل سليم في المجتمعات الغربية يسعى إلى تكرارها وإلى توفير المناخات الملائمة لتكرارها..
ان الدول الاسلامية ومنظمة المؤتمر الاسلامي تحديدا مطالبة بالتحرك السريع والناجز في اتجاه تحسيس الدول الغربية عموما وتلك التي تسمح بمثل هذه الاستفزازات خاصة بضرورة التوقف عن هذه السياسات الهدامة وردع مثل هذه الاستفزازات والاعتداءات على مشاعر المسلمين.. كما أن المنظمات الأممية الدولية المختصة وكذلك الناشطون الحقوقيون مطالبون بالتحرك في هذا الاتجاه.. لأن  مثل هذه الاستفزازات تعد ضربا للسلم والأمن الدوليين وتحريضا صريحا على صدام الحضارات.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك