مع الشروق..تعليق الدروس... والتعليم عن بُعد

مع الشروق..تعليق الدروس... والتعليم عن بُعد

تاريخ النشر : 07:15 - 2021/04/16

مع تصاعد الدعوات لإيقاف الدروس بالمدارس والمعاهد، تجد وزارة التربية نفسها في وضعية حرجة وبين خيارين أحلاهما مرّ: إما إيقاف الدروس وما سيترتب عن ذلك من عدم استكمال الدروس و التخلي عن بعضها وهو ما سيؤثر حتما على جودة المكتسبات التعليمية للتلاميذ، أو مواصلة التدريس وسط وضع وبائي خطير وانتشار سريع للعدوى في المؤسسات التربوية وما قد ينجر عن ذلك من مخاطر للتلاميذ والمربين والعاملين وعائلاتهم..
 اليوم يجد التلاميذ والأولياء أنفسهم ضحية دولة ضعيفة فشلت إلى حدّ الآن في ارساء منظومة للتعليم عن بعد - كما فعلت عديد دول العالم- لتأمين البرامج التعليمية دون مخاطر انتقال العدوى في المدارس او المعاهد. فلو كانت هذه المنظومة تعمل لما حصلت كل هذه اللخبطة والفوضى والجدل حول إيقاف الدروس من عدمها ولأمكن استكمال الدروس خصوصا أن قرار تعليقها اليوم يعني بالنسبة للتلاميذ والأولياء نهاية عام دراسي آخر دون استكمال الدروس وبمكتسبات تعليمية ضعيفة ورديئة في أغلب المواد..
ورغم أن الحديث عن التعليم عن بُعد انطلق في عديد دول العالم منذ بداية الجائحة ، إلا أنه لم يكن له في تونس أي أثر على امتداد العام المنقضي. فوزارة التربية لم تقدر على إرساء منظومة للتعليم عن بعد رغم ما تزخر به من إمكانيات ومن طاقات بشرية. ووزارة تكنولوجيات الاتصال لم تُول الأمر الأهمية المطلوبة وتعاملت معه ببرود تام ولم تعمل على استنباط الحلول الرقمية التي تمكن من انجاحه. كما أن حكومة الفخفاخ وحكومة المشيشي لم تُعبرا عن إرادة حقيقية لتفعيل التعليم عن بعد في بلادنا وجعلته ضمن آخر الاهتمامات..
لم يعد تعليمنا اليوم في حاجة فقط لتطوير البنية التحتية للمدارس ولا إلى تنظيم الزمن المدرسي بل بات في حاجة إلى ثورة رقمية وتكنولوجية تُخرجه من حالة "التحنيط"  التي يتخبط فيها منذ عشرات السنين. فالدولة أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتوفير كل مستلزمات الرّقمنة داخل المدارس وكل الظروف الملائمة للتدريس عن بعد على غرار تحميل الدروس على محامل رقمية وتوفير التغطية المطلوبة من الأنترنات بكامل أنحاء البلاد ومزيد تطوير القناة التلفزية التربوية التي انطلقت مؤخرا..
ذلك هو الاستثمار الحقيقي الذي راهن عليه الزعيم  بورقيبة قبل أكثر من 60 عاما ونجح فيه بإمكانات الدولة البسيطة وهو الاستثمار في التعليم وفي العقل البشري. لكن اليوم تجد الدولة نفسها عاجزة عن استكمال هذا الاستثمار وخاصة عن تطويره ليواكب تقدم العلوم والتكنولوجيات. وقد أصبح الخوف كل الخوف أن تصبح الدولة عاجزة عن المحافظة على هذا المكسب في يوم من الأيام ..
فاضل الطياشي   

تعليقات الفيسبوك