مع الشروق..تبسيط إجراءات الاستثمار... وعود لا تنتهي

مع الشروق..تبسيط إجراءات الاستثمار... وعود لا تنتهي

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/07/01

رغم ما أعلنته رئيسة الحكومة نجلاء بودن أكثر من مرة حول تبسيط الإجراءات وإزالة العوائق البيروقراطية لدفع الاستثمار، ورغم تأكيد وزارة الاقتصاد والتخطيط منذ مدة عن قرب إلغاء جملة من التراخيص وتصاريح الاستثمار، إلا أن تحقيق هذه الوعود على أرض الواقع ظل معطلا. فالدولة لم تعجّل بترجمة كل تلك الوعود على أرض الواقع بشكل سريع وصارم دون إضاعة مزيد من الوقت، رغم تأكد الحاجة لتحريك عجلة الاستثمار في البلاد في مثل هذه الفترة الصعبة.
طوال السنوات الماضية، تعهد كل من تداول على الحكم بالتقليص من البيروقراطية ومن الإجراءات الإدارية المعقدة قصد تسهيل بعث الاستثمارات ودفع المبادرات.  إلا أن ذلك ظل مجرد حبر على ورق، ولم تُحقق الدولة أي تقدم في هذا المجال، واتضح أن تلك الوعود كانت فقط للترويج السياسي، وهو ما أضر بمناخ الاستثمار في البلاد وتسبب في عزوف المستثمرين المحليين والأجانب عن بعث مشاريع و"هروب" بعضهم إلى دول أخرى.
وعلى امتداد هذه السنوات، ظل بعث مشروع استثماري أو مؤسسة صغرى حلما يُراود آلاف المستثمرين والباعثين الشبان، غير أن أغلبهم يصطدم في كل مرة بالتعطيلات الإدارية وبكثرة الإجراءات فضلا عن صعوبة النفاذ إلى مصادر التمويل.. وهو ما تسبب في حالة ركود اقتصادي واستثماري غير مسبوق في البلاد بدأت نتائجه تظهر تدريجيا الآن من خلال ما أصبح عليه النسيج الاقتصادي من ضعف فضلا عن تفاقم أزمة البطالة وقلة موارد الرزق..
وقد مثلت المطالبة بالتقليص أقصى ما يمكن من الإجراءات الإدارية التي تعيق الاستثمار وبعث المشاريع، وبالتخلي عن عشرات الوثائق التي يتطلبها بعث مشروع أو مؤسسة، مطلبا مشتركا منذ سنوات بين عديد المختصين والخبراء. كما طالب آخرون بضرورة التسريع بالتوجه نحو رقمنة مسار بعث المؤسسات ونحو فسح المجال أمام أصناف جديدة من الاستثمارات تعتمد على التكنولوجيات الحديثة، غير أن الدولة تعاطت مع هذه المطالب بلامبالاة غريبة.
وقد اتضح مع تقدم السنوات أن هناك "قوّة" ما داخل الدولة لا تريد النجاح لهذا المسار حتى لا تُفتح أبواب الاستثمار وبعث المشاريع أمام الجميع وتبقى حكرا على "عائلات" او على "لوبيات" لا ترضى القبول بمن ينافسها فضلا عن تحول بعض المشاريع إلى حكر على البعض بناء على توجهاتهم السياسية والإيديولوجية. وهو ما يمكن ملاحظته في مفاصل مختلف الإدارات أو داخل البنوك ومؤسسات التمويل الصغير التي ترفض تمويل الاستثمارات الجديدة وتبذل كل ما في وسعها لعرقلة الباعثين الجدد والشبان..
لا خيار اليوم في تونس لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي غير فرض التخلي عن كل أشكال البيروقراطية المعطلة للاستثمار داخل كل وزارة وإدارة والتوجه نحو الاستفادة من التطور الذي تُتيحه الرّقمنة والاقتداء بتجارب الدّول التي سبقتنا في هذا المجال.. فالتقلبات العالمية الأخيرة فرضت على كل الدول التعويل على الذات لتوفير الغذاء والطاقة ومختلف متطلبات الحياة ولتوفير مواطن الشغل وموارد الرزق للفقراء والمحتاجين.  وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون فسح المجال امام أصحاب المشاريع والأفكار المختلفة لبعث استثمارات صغرى ومتوسطة وكبرى في شتى المجالات وفي أسرع وقت ممكن..
وتكفي لذلك فقط إرادة سياسية واضحة وصريحة وناجعة بعيدا عن الوعود المعتادة..
 

تعليقات الفيسبوك