مع الشروق..أمريكا... «دواعش» سوريا... و«نازيو» أوكرانيا

مع الشروق..أمريكا... «دواعش» سوريا... و«نازيو» أوكرانيا

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/03/17

في العرف الأمريكي لا شيء يعلو على المصلحة الوطنية. وفي المنطق الأمريكي الغاية تبرّر الوسيلة. لذلك، وحين يتعلّق الأمر بما تراه أمريكا وتعدّه مصلحة قومية عليا للأمن الأمريكي وللأمة الأمريكية، فإنها لا تتردّد في استنفار كل الوسائل والأدوات. تختلق الأكاذيب وتروّجها لشيطنة الأعداء وتهيئة الرأي العام الأمريكي لتقبّل الخطوات القادمة. تلجأ إلى سياسة فبركة الحجج  والأدلة لتحقيق الهدف الكبير، وهي في هذا وذاك تكون في حلّ من كل وازع أخلاقي ومن كل الضوابط السياسية والقانونية وحتى تلك المتعلّقة بالشرعية الدولية.
عند غزو العراق واحتلاله عشنا مسرحية هابطة وسيئة الاخراج وضع نصها وفبرك فصولها وأخرجها المحافظون الجدد وأوكل تنفيذها إلى سيئ الذكر ـ جورج بوش الابن ـ وزمرته من أمثال دونالد رامسفيلد وبول وولفويتز وكولن باول. ورأينا كيف انخرط الجماعة في حملة كذب وتضليل مسعورة هدفها شيطنة الرئيس الراحل صدام حسين وإظهاره على أنه «دكتاتور» يمثل خطرا على شعبه وعلى الحرية وعلى الديمقراطية.. وعلى أمن الولايات المتحدة الأمريكية... وتابعنا مثلا مسرحية كولن باول في تلك الجلسة الشهيرة في مجلس الأمن وهو يعرض تلك الصور والمشاهد على مخابر عراقية مزعومة لصناعة أسلحة الدمار الشمال تجرها شاحنات ضخمة وتنتقل بها لمداراتها عن أعين المفتشين الأمميين أو بالأحرى الأمريكيين بغطاء أممي.. وهي الصور والمشاهد التي عاد بعد خراب العراق وأكد أنها كانت مفبركة وبأنها اعتمدت خلاصات بحث أعده طالب جامعي عراقي وأدرج فيه ما لذ وطاب من الأكاذيب التي سلمها للمخابرات البريطانية (مخابرات طوني بلير) التي سلمتها بدورها لحلفائها الأمريكان على أساس أنها «حجج دامغة» على مراوغات صدام حسين.. وكان ما كان وانطلقت الدابة الأمريكية لاحراق بغداد بعد تهيئة الرأي العام الأمريكي والغربي عموما.
وسوف تثبت الأحداث بأن الكذب والتضليل واختراع الأباطيل هي أدوات حكم وأساليب تصريف الأمور لدى الادارة الأمريكية. «الدواعش» وهم أردأ وأسوأ نسخة للتطرف الديني أرسلوا أفواجا أفواجا إلى الداخل السوري بعلم المخابرات الأمريكية وبدعم من مسؤولين أمريكيين كانوا يسحبون الخيوط ويوجهون الأحداث من وراء الحجب.. وذلك بعد ان تمت «شيطنة» الرئيس السوري بشار الأسد وإلباسه (هو الآخر) لباس «الدكتاتور» المعادي للحرية وللديمقراطية والذي وجب التصدي له ولو بدعم الارهابيين والقتلة بواسطة حلفاء أمريكا في الاقليم. والنتيجة ان شهدت الأراضي السورية ما يشبه حربا عالمية تقاطر وفقها الدواعش والارهابيون من قرابة المائة دولة وتلقوا التمويل والتدريب والتسليح من أمريكا وحلفائها.. كل ذلك بهدف اسقاط النظام السوري وتحطيم الجيش السوري كما حطّم الجيش العراقي.
وسوف تثبت الأيام والأحداث أن أمريكا التي دمرت شعوبا وأسقطت أنظمة بزعم دعم الديمقراطية لا تتردد في وضع أيديها في أيدي الارهابيين وحتى النازيين الجدد. وكما تصرفت مع دواعش سوريا وتدخلت عبر وكلائها وحلفائها وجيوشها لحمايتهم من ضربات الجيش السوري حين دارت عليهم الدوائر (دير الزور نموذجا) فقد اعترف الضابط السابق في مشاة البحرية الأمريكية سكوت ريتر بوقائع خطيرة عن علاقات الغرب بالنازيين الجدد في أوكرانيا. هذا العسكري الأمريكي أكد ان بلاده «درّبت النازيين بالتعاون مع بريطانيا» وكندا وان أولى القوات التي درّبها الأمريكيون والبريطانيون كانت كتيبة النازيين الجدد «أزوف» وان هؤلاء هم من استولوا على السلطة لاحقا في أوكرانيا.. وبأنه تمّ حشدهم على الحدود الغربية لأوكرانيا.. وهو ما يعني حشدهم قبالة الحدود الشرقية لروسيا وحلفائها في اقليمي «لوغانسك» و«دانيتسك» إقليم «الدنباس».. وبهذا تكتمل الصورة وندرك لماذا تحركت روسيا لتوجيه ضربة استباقية لمخطط جهنمي كان يطبخ لها.. ولماذا يصر بوتين على حل كتائب «آزوف» المشكّلة من النازيين الجدد.
فأين قيم أمريكا؟ وأين قيم الغرب حين يدربون ويسلحون ويمولون ويحشدون الدواعش لتدمير سوريا والنازيين الجدد لاستهداف روسيا؟ يبدو أن هذه القيم تتحول إلى صيغة «الضمير النائم المستتر» حين يتعلّق الأمر بمصلحة أمريكية وغربية.. أما الكلام عن معاداة الارهاب والنازية فذلك كلام للتعمية وخداع الشعوب.. ليس أكثر.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك