مع الشروق .. مصـــر تحـــذّر

مع الشروق .. مصـــر تحـــذّر

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/08/04

منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023 ، لم تتجاوز الردود المصرية حدود البيان الذي يقع تصديره بـ "مصر تحذّر"، ورغم أنّ الكيان المحتل ارتكب من الجرائم ما يهدد امن مصر القومي بما في ذلك السيطرة  على محور صلاح الدين و على معبر رفح فإنّ الردود المصرية لم تتجاوز لغة التحذير  من مغبة ما يمكن أن يحصل مستقبلا من تداعيات كارثية عليها و على الإقليم ككل. 
الحقيقة أنّ الكيان الصهيوني فعل كل ما يمكنه أن يفعله بما في ذلك قتل أعوان من حرس الحدود المصري  دون ان تردّ مصر على حادثة تخصها مباشرة، و الحقيقة أيضا أن الكيان أسقط فعليا و عمليا معاهدة كامب دافيد بكل بنودها و تفاصيلها الأمنية فهو في حالة اختراق يومي لها ومع ذلك فلا يتجاوز الرد المصري  حدود التحذير. 
والخطاب السياسي المصري ليس فقط يظهر هادئا في زمن العاصفة بل إنه يظهر متجمّدا غير قادر على تحريك عود ثقاب و ليس إطلاق رصاصة على عدو أعلنها صراحة بأنه يستهدف سيناء وليس غزة فحسب. و أيا كانت الحجج التي يمكن أن يقدّمها المؤيدون لهذا الموقف المصري فإنّه لا مناص من القول بأنّ مصر صارت غريبة عن الشعوب العربية غربة لا يمكن تبريرها. و ان مصر التي تم تحييدها عبر اتفاقية كامب دافيد، عن الصراع العربي الإسرائيلي، لن تنجو بانعزالها و انغلاقها و صم آذانها عن آهات سكان غزة. لأنّ إسقاط الدول العربية الواحدة تلو الأخرى عبر سيناريوهات يعرفها الجيش المصري أكثر من غيره، لن يتوقف إلاّ عندما تكون مصر هي "الجائزة الكبرى"  وفق مخطط قديم ومازال قائما من سايكس بيكو إلى برنارد لويس، إلى صقور الإنجيليين الجدد المتحكمين في واشنطن و في ذراعها التدميرية الكيان الصهيوني. 
تدرك مصر أكثر من غيرها أنهّ لا توجد في الواقع لا شرعية دولية و لا قوانين دولية عادلة وهي التي خبرت المفاوضات مع العدو سنين طويلة، ولكن صمتها عما يحدث في فلسطين يرتقي إلى درجة المشاركة في كل ما يحدث و حضور قائد جيشها في اجتماع المنامة مع قائد الجيش الصهيوني الذي قتّل نحو 40 ألف فلسطيني في غزة وحدها ما هو إلا انخراط في مشروع صهيو- أمريكي، سينتهي حتما عند أسوار القاهرة فيما لو انتصر الكيان في هذه المعركة. 
وفي ظل هذه التحولات الدراماتيكية المفتوحة على كل الخيارات، فإن الوقوف على الحياد السلبي يصبح في الواقع العملياتي انزياحا نحو الطرف الذي يشن عدوانا على كامل المنطقة. و خطاب "التحذير" مما هو قادم لم يعد له أي معنى لأنّ الكارثة قد وقعت فعلا وربما لن يكون أمام المصريين إلا ان يرددوا في قادم الايام " لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض.   
كمال بالهادي

تعليقات الفيسبوك