مع الشروق : «الإبراهيمية» تغزو الشرق الإفريقي
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/12/28
هناك أحداث مترابطة، تتالى وتيرتها في منطقة الشرق الإفريقي و جنوب الجزيرة العربيّة، وهي غير منفصلة عن بعضها. فالحرب الأهلية المشتعلة في السودان واعتراف الكيان باستقلال أرض الصومال، والأحداث الجارية في جنوب اليمن لا يمكن فصلها عن فاعلين في المنطقة منخرطين في ما تسمى الاتفاقيات الإبراهيمية والتي تهدف في نهاية المطاف إلى قبول الكيان الصهيوني في المنطقة وتهميش القضية الفلسطينية و تذويبها.
هذه الصراعات هدفها الوحيد تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة تعيدنا إلى عصر الممالك التي كانت تدين بالولاء التام لملوك اليهود قبل السبي البابلي، و حديث السفيرالأمريكي توم برّاك عن أنه لا وجود لدول عربيّة بل هناك وجود لقبائل و قرى، هو تحديدا ما تريده إسرائيل وما أراده كبار المنّظرين المتصهينين من أمثال زيبغينو بريجنسكي و هنري كيسنجر،و برنارد لويس وغيرهم كثير الذين تحدثوا عن ضرورة عمل الولايات المتحدة على «تصحيح» حدود سايكس بيكو وإعادة تقسيم الدول العربية الناشئة بعد الاستقلال في منتصف القرن العشرين على اسس عرقية و طائفية ودينية، و بذر كل أنواع الفتن بينها حتى تتمكن من السيطرة عليها. ففي إحدى مداخلاته في معرض حديثه عما ينبغي القيام به في سوريا، قال زبيغنيو بريجنسكي» إنه يجب خلق حالة من الفوضى الشاملة في سوريا، تسير من سيّئ إلى أسوأ، بمساعدة بعض الأنظمة العربية وحلفائهم الأوروبيين، وهي حالة تمنح الولايات المتحدة فرصة استمالة إيران إلى اتفاق شامل يتضمن الملف النووي أيضاً، وينتهي لمصلحة إسرائيل في المقام الأول. ولعلّ ما حدث في سوريا بعد ذلك هو تحقيق كامل لتلك الرؤية.
ولذلك فإنّ اعتراف الكيان باستقلال ما تسمى أرض الصومال، هو مقدّمة لما قد يأتي من اعترافات باستقلال كيانات أو مكونات عرقية أو طائفية مثل دويلة للأكراد، أو دويلة للقبائل في الشمال الإفريقي، ولن تكون أي دولة عربية بمنأى عن هذا المخطط التمزيقي لدول عربية لم تستطع أن تحافظ على ألأدنى المشترك الجامع بينها فأصبحت لقمة سائغة يوغل المحتل الصهيوني في جسدها المريض و ينهش أجزاء منه في كل مرّة.
ما يظهر في تصريحات الإسرائيليين و الأمريكان ليس مجرّد خطابات إعلامية، بل هو إعلان مبكر عن مخططات قادمة، ترفع هذه المرّة شعار الإبراهيمية، وهي صورة أخرى مغلّفة عن حرب صليبية جديدة ولكن بأدوات مغايرة. وفي هذه الحرب الجديدة لم يتغير الفاعلون الحقيقيون كما لم يتغيّر الفاعلون الثانويون، فالصليبيون الذي يظهرون في صورة المحافظين الجدد أو الإنجيليين الجدد يتخذ من «العلاقمة العرب» أدوات لتنفيذ مخططات حروبهم في المنطقة، والعلاقمة يتكفلون الآن بإشعال الفتن من السودان إلى اليمن إلى الصومال وربما يتجهون إلى دول أخرى في المستقبل القريب. الغريب في كل هذا أن بقيّة العرب ضربت على المسكنة و المذلة فهم لا يحركون ساكنا بل يتابعون اقتراب الحرائق من حدودهم، دون أن يتحرّكوا للمقاومة.
كمال بالهادي
هناك أحداث مترابطة، تتالى وتيرتها في منطقة الشرق الإفريقي و جنوب الجزيرة العربيّة، وهي غير منفصلة عن بعضها. فالحرب الأهلية المشتعلة في السودان واعتراف الكيان باستقلال أرض الصومال، والأحداث الجارية في جنوب اليمن لا يمكن فصلها عن فاعلين في المنطقة منخرطين في ما تسمى الاتفاقيات الإبراهيمية والتي تهدف في نهاية المطاف إلى قبول الكيان الصهيوني في المنطقة وتهميش القضية الفلسطينية و تذويبها.
هذه الصراعات هدفها الوحيد تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة تعيدنا إلى عصر الممالك التي كانت تدين بالولاء التام لملوك اليهود قبل السبي البابلي، و حديث السفيرالأمريكي توم برّاك عن أنه لا وجود لدول عربيّة بل هناك وجود لقبائل و قرى، هو تحديدا ما تريده إسرائيل وما أراده كبار المنّظرين المتصهينين من أمثال زيبغينو بريجنسكي و هنري كيسنجر،و برنارد لويس وغيرهم كثير الذين تحدثوا عن ضرورة عمل الولايات المتحدة على «تصحيح» حدود سايكس بيكو وإعادة تقسيم الدول العربية الناشئة بعد الاستقلال في منتصف القرن العشرين على اسس عرقية و طائفية ودينية، و بذر كل أنواع الفتن بينها حتى تتمكن من السيطرة عليها. ففي إحدى مداخلاته في معرض حديثه عما ينبغي القيام به في سوريا، قال زبيغنيو بريجنسكي» إنه يجب خلق حالة من الفوضى الشاملة في سوريا، تسير من سيّئ إلى أسوأ، بمساعدة بعض الأنظمة العربية وحلفائهم الأوروبيين، وهي حالة تمنح الولايات المتحدة فرصة استمالة إيران إلى اتفاق شامل يتضمن الملف النووي أيضاً، وينتهي لمصلحة إسرائيل في المقام الأول. ولعلّ ما حدث في سوريا بعد ذلك هو تحقيق كامل لتلك الرؤية.
ولذلك فإنّ اعتراف الكيان باستقلال ما تسمى أرض الصومال، هو مقدّمة لما قد يأتي من اعترافات باستقلال كيانات أو مكونات عرقية أو طائفية مثل دويلة للأكراد، أو دويلة للقبائل في الشمال الإفريقي، ولن تكون أي دولة عربية بمنأى عن هذا المخطط التمزيقي لدول عربية لم تستطع أن تحافظ على ألأدنى المشترك الجامع بينها فأصبحت لقمة سائغة يوغل المحتل الصهيوني في جسدها المريض و ينهش أجزاء منه في كل مرّة.
ما يظهر في تصريحات الإسرائيليين و الأمريكان ليس مجرّد خطابات إعلامية، بل هو إعلان مبكر عن مخططات قادمة، ترفع هذه المرّة شعار الإبراهيمية، وهي صورة أخرى مغلّفة عن حرب صليبية جديدة ولكن بأدوات مغايرة. وفي هذه الحرب الجديدة لم يتغير الفاعلون الحقيقيون كما لم يتغيّر الفاعلون الثانويون، فالصليبيون الذي يظهرون في صورة المحافظين الجدد أو الإنجيليين الجدد يتخذ من «العلاقمة العرب» أدوات لتنفيذ مخططات حروبهم في المنطقة، والعلاقمة يتكفلون الآن بإشعال الفتن من السودان إلى اليمن إلى الصومال وربما يتجهون إلى دول أخرى في المستقبل القريب. الغريب في كل هذا أن بقيّة العرب ضربت على المسكنة و المذلة فهم لا يحركون ساكنا بل يتابعون اقتراب الحرائق من حدودهم، دون أن يتحرّكوا للمقاومة.
كمال بالهادي