مع الشروق...بيداغوجيـــا سياسيــــة

مع الشروق...بيداغوجيـــا سياسيــــة

تاريخ النشر : 08:12 - 2020/04/21

عين على الفيروس والعين الأخرى  على الاقتصاد. هكذا  ينظر قادة دول العالم وسياسيوها الى الواقع اليومي لشعوبهم عاملين على تجنب الوضع الذي قد يفرض عليهم مجابهة الورطة التي تطرح عليهم الاختيار  المستحيل بين الموت بالوباء او الموت جوعا.


وما من شك في أن الخوف من هذه الورطة  هو الذي يدفع الحكام واصحاب القرار - وبلادنا ليست استثناء - الى البحث عن أيّ بارقة ضوء سواء كان ذلك في شكل بدء انحدار  منحى المصابين أو توقف أو تراجع عدد الوفيات، لإطلاق وعود بتخفيف الحجر والتلويح بما قد يوحي ان الخروج من نفق الأزمة بات قريبا. 


وإن كنا نتفهم، في ذات الوقت معا، وزن الضغوط المفروضة على حكومة الفخفاخ، وتعب وكلل المواطنين من نمط عيش يحرمهم من حريات كثيرة، فإن الواجب يقتضينا ان ندعو - ونأكد الدعوة - الى ضرورة التريث والتعقل قبل ان يذهب بنا  الظنّ ان الأشياء عادت الى مجراها الطبيعي، أو  حتى ان نوهم غيرنا، بعد أنفسنا، ان الوضع - ما - قبل - كورونا سيعود وكان شيئا لم يكن.
إن الخروج من الحجر الصحي  ولو جزئيا، ولو تدريجيا، يجب ان يكون مرهونا بشروط مسبقة واضحة ومعلومة. شروط بعضها مادي محدد، والبعض الآخر ثقافي متعلق بالوعي الجماعي.
وأما الشروط المادية فتهمّ، في مستوى أول، الكمامات ومطهّر الأيدي ومعدّات الاختبار وغير ذلك من وسائل الوقاية التي يجب ان تكون متوفرة بكميات كافية وبأسعار مقبولة.و تهمّ، في مستوى ثان ولكن متصل، ما يسمى بـ«الحركات  الحاجزة» من الامتناع عن التسليم بمصافحة الأيدي أو بالتقبيل، والسعال أو العطس في المرفق، وغسل  اليدين بانتظام، واحترام قاعدة التباعد الاجتماعي... وهي كلها حركات يجب أن تتحول مستقبلا الى عادات مكتسبة وتقاليد تطبع العيش اليومي للمواطن حفظا لصحّته وصح غيره.


إنّ اوكد ما يجب ان يقتنع به  المواطن اليوم هو انه  اصبح مضطرا الى التعايش مع فيروس كورونا. وإن اهم ما يجب ان يدركه، كذلك، ان هذا الفيروس لا يزال نكرة لم يحلّ العلم بَعدُ كل ألغازه.وانه ما لم يقع الاهتداء الى اكتشاف تلقيح ناجع فان الشك وعدم اليقين يكونان، والحالة تلك، سيدتيْ الموقف. فتراجع عدد الإصابات أو الوفيات وحتى غياب الفيروس تحت تأثير ارتفاع درجات الحرارة، وهذا جدّ وارد، قد لا يكون غير هدنة عابرة يعود بعدها الوباء بأكثر حدّة وشراسة كما حدث ذلك مع جوائح أخرى في الماضي في كل بقاع العالم.


والأهم من كل ذلك يبقى ان وباء كورونا بصدد فرض تحول حضاري يجب علينا جميعا ان نقبله ونندرج ضمنه. انها حضارة التوقي، والحذر والنجاة. وان الرمز  الأبرز لهذه الحضارة التي ظهرت  بوادرها منذ عشرين سنة  في القارة الآسيوية هي الكمامة أو القناع التي يُعدّ في بلدان مثل اليابان والصين وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغفورة، من لوازم الحياة اليومية لكل مواطن. ألم  تر ان هذه البلدان كانت الأقل تضررا من الفيروس القاتل؟
نعم، إنه تحول ثقافي حضاري يحتاج الى بيداغوجيا سياسية، والى سياسة بيداغوجية، تتعاون على وضعهما وتفعيلهما كل المؤسسات والهياكل السياسية والاجتماعية  من احزاب وجمعيات ومنظمات وطنية حتي تدخل هذه الحركات والأفعال والتصرفات في عادات المواطن منذ نعومة أظفاره.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

تدخل الحرب الدائرة بين إيران واسرائيل اليوم أسبوعها الثاني وتلوح في الأفق تداعيات خطيرة منتظرة له
07:00 - 2025/06/20
تم أمس الخميس، انتخاب التونسية هادية بهلول أمينة عامة للمنظمة العربية للأسرة والتنمية الاجتماعية
07:00 - 2025/06/20
وقّعت أمس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مع المدرسة الوطنية للإدارة اتفاقية تعاون إطارية تهدف
07:00 - 2025/06/20
قرّرت لجنة المالية بالبرلمان مواصلة النظر في مشروع قانون غلق ميزانية الدولة لسنة 2021 وتعليق النظ
07:00 - 2025/06/20
تناول رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللّقاء الذي جمعه ظهر أول أمس، الثامن عشر من شهر جوان الجاري، ب
07:00 - 2025/06/20
من المنتظر أن تصدر لجان تقييم الأداء البرلمانية بمجلس نواب الشعب، قبل نهاية الدورة الحالية، جملة
07:00 - 2025/06/20
 أوضحت رئاسة الحكومة، في رد على سؤال كتابي لعضو بمجلس نواب الشعب، أن "اتخاذ إجراءات قانونية وإدار
12:38 - 2025/06/19