استعادت أجهزة تنفس نشاطها في المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة وعادت للعمل وإنعاش المرضى بعد سنوات طويلة من تعطّلها يعود بعضها الى الثمانينات. وقد كان رئيس قسم الإنعاش الطبّي وضع تلك الأجهزة المعطبة في متحف يحفظ ذاكرة أجهزة الإنعاش الطبّي "من فرط تعلقه بتلك الأجهزة وخروجها عن دائرة العمل" على حد قول سامي بنور رئيس قسم الميكانيك المتقدمة في المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة للشروق اون لاين.
وقد نجح أساتذة وطلبة وتقنيي المدرسة الوطنية للمهندسين بالجهة في إعادة الروح لهذه الأجهزة وإعادتها للنشاط الفعلي في ظرفية صحية استثنائية تحتاج تعزيز المجهود الوطني في الحرب ضد انتشار فيروس كوفيد 19 (كورونا).
ثلاث مبادرات
اصلاح هذه الأجهزة هي واحدة من مبادرات ثلاث اطلقتها المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة في اطار تعزيز قدرة البلاد على احتواء انتشار فيروس كورونا.
تمثلت المبادرة الأولى في تصنيع واقي لحماية وجوه الإطارات الطبية وشبه الطبية. ويوضّح سامي بالنور انّ البداية كانت بطبعها عبر استخدام تقنية الالة الطابعة ثلاثية الابعاد (3D) وقد تمكن الفريق المبادر من بلوغ معدل يومي لتصنيع هذا الواقي تراوح بين 30 و60 واقيا. لاحقا تم اعتماد تقنية ثانية سمحت بتصنيع ما بين 300 و500 واقي يوميا. وتم تزويد المستشفيات الجامعية بالعاصمة (الرباطة وعبد الرحمان مامي والمستشفى العسكري) وبسوسة (سهلول وفرحات حشاد) وبالإضافة الى مستشفيات جامعية في اغلب مناطق البلاد وكذلك مستشفيات محلية وجهوية. وبلغ مجموع الواقي الذي تم تصنيعه وتزويد المؤسسات الاستشفائية به 3 آلاف واقي وفقا لسامي بالنور.
واكد المتحدث للشروق اون لاين ان المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس والمنستير وكذلك إحدى الجمعيات الناشطة في المهدية سيبادرون أيضا بتصنيع هذا الواقي. كما ذكر ان إحدى الشركات المصنعة تحصّلت على النموذج من المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة وستنطلق في عملية التصنيع بما يوفر طاقة إنتاجية اكبر.
وتمثلت المبادرة الثانية في اصلاح المعدات الطبية التي لها علاقة بأجهزة التنفس الاصطناعي وقد نجح المبادرون في إعادة الروح الى آلات ومعدات معطبة منذ سنوات طويلة. ويؤكد بالنور للشروق اون لاين أن عودة الروح لهذه المعدات أعطت دفعا معنويا للاطار الطبي في فرحات حشاد مضيفا "لم تاتنا بعدُ أي طلبات من مؤسسات استشفائية جامعية أخرى لاصلاح آلات ومعدات أجهزة التنفس المعطبة لديها والتي يحتاجها الاطار الطبي بشدة في هذه الفترة ونحن منفتحون على أي نداء يصلنا".
مولّد اكسيجين عالي التدفق

ثالث هذه المبادرات هي صناعة مولد اكسيجين عالي التدفق تم اختباره بنجاح مؤخرا وسيتم خلال اليومين القادمين توجيهه الى المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة في انتظار موافقة اللجنة الطبية على دخوله حيز النشاط. ويبدو ان الازمة ام الاختراع في تونس إذ ان ازمة كورونا أعادت الروح الى البحث العلمي والمجهودات العلمية وحثّت المختصين والمبتكرين. وفي هذا الاطار يقول سامي بالنور "الكفاءات موجود في تونس وهي تحتاج فقط الى قدرا من الثقة والمساعدة فقط".
وأوضح ان كلفة تصنيع هذا المولّد بلغت 3 آلاف دينار والحال ان الدولة تستورده بكلفة 17 الف دينار ويوجد منه 6 مولدات فقط في تونس. واكد ان فريق العمل في المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة قادر على التحكم في كلفة انتاج المولد لتبلغ حدود 1.5 الف دينار ما يعني التخفيض في سعر الكلفة بنسبة 50 بالمئة. علما وان الازمة العالمية التي يثيرها فيروس كورونا صعّب من مهمة توريد هكذا مولدات.