في غرة ماي الحالي، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي أن قرارات ستصدر قريبا في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية تنصّ على رفع سنّ التقاعد للعاملين في القطاع الخاص إلى 65 عاما، شرط موافقة المؤجر.
والمتقاعدون في تونس من بين الفئات التي تعرف أوضاعا دقيقة نسبيا في سياق محدودية الجرايات مما يجعل منها من بين الشرائح الأكثر تأثرا بالأوضاع الاقتصادية التي مرت على البلاد، حيث يعاني طيف واسع منهم من نقص المداخيل وصعوبة النفاذ إلى التغطية الصحية مع تراجع في القدرة الشرائية.
تبحث السلطات المعنية بالشأن الاجتماعي عن حلول لمعالجة ضعف جرايات المتقاعدين من القطاع الخاص بشكل أدق عبر رفع سن التقاعد ليصل إلى 65 عاما بما يسمح للمحالين مستقبلا على التقاعد بالحصول على مبالغ جيدة بعد الزيادة في عدد سنوات المساهمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .
ويشكو متقاعدو القطاع الخاص في تونس من ضعف الجرايات التي يتقاضونها بعد سنوات الخدمة، حيث لا تتجاوز جرايات نصف مليون متقاعد الأجر الأدنى المضمون.
ويعد المحالون على التقاعد من الوظيفة العمومية أحسن حظا من متقاعدي القطاع الخاص المقدر عددهم بنحو 800 ألف شخص. وتسعى سلطات الإشراف عبر رفع سن التقاعد للعاملين في القطاع الخاص إلى سن 65 عاما إلى تحسين الموارد المالية لصندوق الضمان الاجتماعي بما يساعد على زيادة جرايات المتقاعدين الحاليين وزيادة عدد سنوات المساهمة الاجتماعية للنشطاء الحاليين بما يسمح لهم مستقبلا بالحصول على جرايات جيدة.
وحاليا يقدَّر معدل رواتب المتقاعدين من القطاع العام بـ1200 دينار، في حين لا يتجاوز في القطاع الخاص 850 ديناراً، حسب بيانات رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية.
ويبلغ عدد المتقاعدين في البلاد مليوناً ومائتي ألف متقاعد، تصرف رواتبهم من صندوقين محوريين في مجال شبكات الأمان المالي، هما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يصرف جرايات لـ800 ألف متقاعد من القطاع الخاص، والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، الذي يوفر جرايات نحو 400 ألف محال على التقاعد من الوظيفة العمومية.
ويربط القانون الذي ينظم احتساب جرايات أجراء القطاع الخاص حصولهم على زيادة جرايات التقاعد بقرار تعديل الأجر الأدنى المضمون الذي تم تعديله في أكتوبر 2021، وهو ما لا يمكن 800 ألف متقاعد من زيادة جراياتهم رغم تطور كلفة المعيشة.
في المقابل تبين بعض التقارير ان قرار رفع سن التقاعد إلى 65 عاما سوف لن يكون له أثر مباشر على الاقل على المدى القصير في خصوص تحسين جرايات متقاعدي القطاع الخاص ذلك أن جدوى زيادة سن التقاعد لتحسين التوازنات المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ستكون على المدى المتوسط والطويل في سياق المعطيات الاستشرافية المتاحة في هذا الصدد حول أفق الزيادة في المساهمات التي ستترتب عن هذا القرار.
كما أن تقييم المسالة يتطلب تحليل تأثير قرار ربط الزيادة بسن التقاعد بموافقة المؤجر خصوصا أن القطاع الخاص غالبا ما يراهن على اليد العاملة الشابة ولا سيما في القطاعات الصناعية ذات التشغيلية العالية.
بشكل عام، لا يمكن الحديث عن تحسين التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية دون زيادة نسبة النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن تحسين الأوضاع المعيشية للمتقاعدين لا يحتاج إلى رفع سن التقاعد وتمديد سنوات المساهمة فقط بقدر ما يحتاج إلى زيادة الثروة التي تساعد على تحسين التغطية الاجتماعية لمختلف الشرائح الاجتماعية.
وأكّد مؤخّرا، في هذا الإطار، رئيس الجامعة العامة للمتقاعدين عبد القادر النصري أن تراجع النواحي المادية والمعيشية للمتقاعدين يحتاج إلى حلول عاجلة تسمح بزيادة مواردهم المالية، مشيرا إلى أن ظروف متقاعدي القطاع الخاص تزداد تراجعا مع تأخر قرار مراجعة الأجر الأدنى المضمون. 
وشدد النصري على ضرورة رفع الحد الأدنى لجرايات متقاعدي القطاع الخاص إلى 500 دينار على الأقل.