مع الشروق..لا تسقطـــــوا القنـــــاع!

مع الشروق..لا تسقطـــــوا القنـــــاع!

تاريخ النشر : 08:12 - 2020/04/29

يوم الاثنين المقبل يُشرع في تخفيف الحجر الصحي الشامل الذي أعلنته الحكومة منذ 23 مارس المنقضي توقيا من انتشار فيروس كورونا. 
لكن بداية التخفيف لا يمكن أن تعني بأي شكل من الأشكال نهاية هذا الوباء الذي يضرب العالم كله ولو بدرجات مختلفة من بلد الى آخر ومن قارة الى أخرى، مخلفا وراءه الموت واليأس، والذي يبقى، في انتظار اختراع اللقاح الناجع، يشكل خطرا متزايدا تزايد تغير الفيروس الذي يسببه.


منذ انطلاق الجائحة في نهاية العام الماضي، سارع الناس في مدينة ووهان الصينية التي تُعدّ البؤرة الأولى لظهور الفيروس القاتل، ثم في الصين كلها، الى ارتداء القناع كخطوة أولى، لكنها أساسية، لكسر سلسلة العدوى والحدّ من انتشار الوباء. اليوم، وفي تواصل جوّ الشكّ وعدم اليقين الذي تثيره كورونا، ما يزال القناع يمثل السلاح الانجع المتوفّر للمواطن للتوقي من الفيروس، وسيكون سلاحه الوحيد في سياق بدء تخفيف الحجر المعلن.ذلك ان الحركات الحاجزة الأخرى الموصى بها من تباعد اجتماعي وعطس أو سعال في المرفق، لن يكون تطبيقها سهلا في شوارعنا المزدحمة، واسواقنا الشعبية او وسائل نقلنا المكتظة، أو حتى أماكن عملنا. ثم انه يجب الإقرار ان لبس القناع ليس من تقاليدنا مثلما هو الشأن في بلدان القارة الآسيوية، وان ميلنا المعروف الى عدم الانضباط، وكذلك الارتفاع المنتظر لدرجات الحرارة قد لا يساعدا على اعتماد القناع وادراجه ضمن تصرفاتنا وعاداتنا اليومية. 
ورغم ذلك فانه لا مناص لنا في ظل توجهنا للخروج من الحجر الصحي من التمسك بسلاح القناع. لانه الانجع في غياب الأدوية. ولانه الأقرب الى متناول الجميع. ولانه الأسهل في الاستعمال.
وانها مسؤولية الحكومة، قبل بدء تنفيذ عملية تخفيف الحجر، ان توفر هذه الأداة الصحية بالكمية اللازمة وبالأسعار المقدور عليها شعبيا.و مادام القناع هو سلاح المواطن الفقير وحليفه ضد الفيروس الفتاك فلم لا يكون متاحا بالمجّان لعموم المواطنين؟


وانها مسؤولية الحكومة كذلك وخصوصا، نشر المعلومات حول الاستعمال السليم للقناع وإقناع المواطنين بضرورة توخي هذه الأداة الصحية وادراجها ضمن حركاتهم اليومية لأشهر عديدة أخرى مقبلة. ولعله، وبالنظر الى حالة التمنع وعدم الانضباط الذين يميزان طبيعة التونسي، فانه يكون من الأنسب جعل لبس القناع إلزاميا حفاظا عل صحة المواطنين وان كان ذلك رغم ارادتهم.لكن الإقناع دائما أفضل.
سيمثل بدء رفع الحجر يوم الأثنين المقبل امتحانا سياسيا ومدنيا هاما نتبين فيه قدرة الحكومة والسلط العمومية على إدارة وضع في مثل دقة وخطورة الوضع الوبائي الحالي الذي تتنازع فيه حاجيتان متناقضتان: انتشال اقتصاد البلاد من الانهيار وحماية صحة المواطنين من جائحة غير مسبوقة. وسيكون كذلك امتحانا مدنيا يضع على المحك مدى قابلية عموم المواطنين لضرورة تولّي مسؤولية التوقي من الفيروس القاتل بأنفسهم عبر توخي حركة الاقبال على القناع والمثابرة على ارتدائه.انه اختبار الثقة والتواصل الذي ستكون قطعة القماش المسماة قناع أو كمامة رمزه البارز والذي لا يحقّ الفشل فيه لأنها مسألة حياة ومستقبل.
يوم الاثنين يجب أن تسقط كل أقنعة الحسابات السياسية والتخمينات المصلحية الفئوية ليبقى قناع واحد هو القناع الذي يقينا من وباء كورونا. 
 

 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

تمثل الهجرة، وخاصة في شكلها غير المنظم، واحدة من أبرز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه
07:00 - 2025/09/15
في عالم السياسة الدولية، لا تسود الأخلاق، بل تحكمه قوى المصالح والتلاعب والهيمنة.
07:00 - 2025/09/15
للغربِ وأذنابه من المُكلّفين بِأدوارٍ قذرة، كبعض القنوات الإعلاميّة،   أساليب وألاعيب  دنيئة وقمي
07:00 - 2025/09/15
العرض العسكري الصيني الأخير هو الأكبر من نوعه لدولة منفردة في العالم المعاصر، كان العرض مزيجا مبه
07:00 - 2025/09/08
في وقت تُرفع فيه أعلام التطبيع في عواصم عربية، وتُستبدل فيه بوصلات الشعوب بمصالح الأنظمة، تتقدّم
11:49 - 2025/09/02
بقلم: صهيب المزريقي كاتب و محلل سياسي  
07:00 - 2025/09/01
كعادته وعادة رئيسه فى التدليس بلا حياء ، كرّر المقاول الصهيوني اليهودي ستيف ويتكوف إدانته الميكان
07:00 - 2025/09/01