رسالة مفتوحة إلى الجامعة العامّة للتّعليم الثّانويّ: بقلم: د. علي العمري أستاذ مبرّز أوّل مميّز درجة استثنائيّة ونقابي قاعدي

رسالة مفتوحة إلى الجامعة العامّة للتّعليم الثّانويّ: بقلم: د. علي العمري أستاذ مبرّز أوّل مميّز درجة استثنائيّة ونقابي قاعدي

تاريخ النشر : 13:08 - 2018/12/22


الإخوة أعضاء الجامعة العامّة للتّعليم الثّانوي، وأعضاء الهيئة الإداريّة الوطنيّة لقطاع التّعليم الثّانويّ والهياكل النّقابيّة المختلفة بالقطاع المذكور، تحيّة نضاليّة، وبعد،
يعيش قطاع التّعليم الثّانويّ منذ سنوات ليست بالقليلة أزمة لا تخفى على أحد، بلغت أوجها مع اندلاع مواجهة مفتوحة بين القطاع وسلطة الإشراف في الحكومات المتعاقبة وخصوصا بعد 14 جانفي 2011. وقد تزامنت تلك الأزمة مع تشكيك متواصل لدى الرّأي العامّ وجانب من الأولياء وخصوصا من طرف وسائل الإعلام، في دوافع تلك المواجهة. وساد الاعتقاد لدى العديد من الأطراف بأنّ معارك الأساتذة معارك مطلبيّة تستهدف تحقيق مكاسب ماديّة فحسب، وتمّ التّرويج إلى أنّ دوافعها سياسيّة تندرج ضمن أجندات حزبيّة، ونقابويّة تتّصل بالصّراعات النقابيّة داخل القطاع والمنظّمة الشّغيلة ككلّ. وهو ما أدّى إلى تشويه الحراك النّقابيّ للقطاع خصوصا مع وجود بعض الأخطاء في الممارسة وغياب خطط نضاليّة واضحة نتيجة ضغط القواعد من جهة وتشدّد السّلطة ولا مبالاتها إزاء المطالب الملحّة للأساتذة، واعتمادها سياسة التّسويف واللّعب على عامل الوقت، وتردّد المركزيّة النّقابيّة وخشيتها من طموحات الكاتب العامّ للجامعة (المزعومة).
وعلى الرّغم من أنّ قيادة القطاع حاولت وتحاول وخصوصا في السّنة الدّراسيّة الجارية طمأنة الرّأي العامّ والأولياء والتّلاميذ بالتّأكيد على أنّ ثورة القطاع ليس مجرّد ثورة مهنيّة تهدف إلى الدّفاع عن مصالح منظوريها وتحسين وضعهم المادّيّ، وإنّما هي بالتّوازي مع ذلك ردّة فعل على واقع المدرسة العموميّة التّونسيّة وما يتهدّدها من مخاطر الخصخصة والتّفويت لصالح القطاع الخاصّ، وجرس إنذار لسلطة الإشراف والمجتمع يهدف إلى إنقاذ المدرسة باعتبارها مِرْفَقًا عموميّا، فإنّ رسالة الطّمأنة تلك لم تلقَ تفهّما من الرّأي العامّ واعتبرها البعض مفتقرة إلى الجدّية وتُستخدم للتّغطية على المطالب الماديّة للأساتذة، وهو الأمر الّذي قلّل من مصداقيّة الخطاب النّقابيّ حول الإصلاح التّربويّ.
ولرفع هذا الالتباس وكسب تفهّم الرّأي العامّ، وخصوصا الأولياء وأبناءنا التّلاميذ، أقترح عليكم عقد ندوة صحفيّة عاجلة يتمّ فيها الدّعوة إلى مؤتمر وطنيّ للإصلاح التّربويّ تفضي إلى بلورة أفق للإصلاح لا يتجاوز 2025 ويمكن أن نطلق عليه: مشروع مدرسة 2025. 
وينبغي التّركيز في النّدوة الصّحفيّة على النّقاط التّالية:
1.    أهداف المؤتمر الوطني للإصلاح التّربويّ: 
-    إرساء معالم خطّة عاجلة لإنقاذ المدرسة العموميّة والدّفاع عنها في وجه المخاطر المختلفة وعلى رأسها الخصخصة.
-    تقييم واقع المدرسة العموميّة من حيث البنية التّحتيّة والإطار المدرّس والمشرف والبرامج ومنهجيّات التّدريس.. إلخ.
-    تقديم تصوّرات لمدرسة 2025 تشمل إصلاح البنية التّحتيّة والوسائل البيداغوجيّة وتحسين جودة الموادّ والتّكوين وإعداد المكوّنين.. إلخ.
-    البحث في صيغ تمويل وإسناد مشروع مدرسة 2025.
2.    المؤتمر تنفيذًا: 
يتمّ التّأكيد على استقلاليّة المؤتمر عن كلّ الأطراف المتداخلة في الشّأن التّربويّ وذلك بالتّنصيص على أنّ:
-    عمليّة التّشخيص واقتراح التصوّرات يقوم بها خبراء ومختصّون في الشّأن التّربويّ من المشهود لهم بالكفاءة على المستوى الوطني، ويتمّ الاستئناس كذلك بآراء خبراء ومختصّين من علماء التّربية والمنهجيّات والأكاديميين من البلدان العربيّة ومن البلدان الّتي تشهد نهضة في مجال التّربية والتّعليم، دون أن يعني ذلك التّقليد أو التّلفيق.
-    التّأكيد على تحييد الجانب النقابي وسلطة الإشراف في الجوانب البيداغوجيّة والعلميّة. وحضورهما النّدوة بصفة مراقب. ثمّ يتمّ بعد ذلك عرض المخرجات على الجانبين النّقابيّ والإداريّ لمناقشة الجوانب التّنفيذيّة والتّمويل ومصالح المنظورين (النّقابة) أو رسم السّياسات العامّة والهداف الكليّة من العمليّة التّربويّة. ثمّ يتمّ بعد ذلك عرض المخرجات على مؤسّسات الدّولة كمجلس الشعب والرّئاسة ورئاسة الحكومة.
3.    التّمويل والميزانيّة: 
في هذا الجانب يتمّ التّركيز على ميزانيّة خصوصيّة للتّعليم جوهرها تخصيص جانب هامّ من ميزانيّة الدّولة للتّعليم على مدى ستّ سنوات (أي إلى حدود 2025) تتراوح بين 10% و15% من ميزانيّة الدّولة، يتمّ توظيفها ل:
-    البنية التّحتية: صيانة المؤسّسات وبناء مخابر وفضاءات للأنشطة الرّياضيّة والثقافيّة ومطاعم.. إلخ.
-    التّكوين : ويتمّ الإلحاح على أنّه تكوين يشمل المدرّسين والمؤطّرين والمشرفين على الأنشطة البيداغوجيّة والثقافيّة والرّياضيّة، ويشار إلى أنّ تكوين الأشخاص المباشرين من أساتذة ومعلّمين ومنشّطين ومديرين وإداريّين وقيّمين وغيرهم ينبغي أن يتزامن مع إنشاء كلّيات تربية وتعليم تقوم بإعداد جيل جديد من المعلّمين والمؤطّرين (خصوصا مع وجود نواتات لكلية التّربية متمثّلة في شعب التّربية الموجودة في بعض الجامعات) ويشترط في كليّات التّربية ألاَّ تقبل سوى أصحاب المعدّلات العالية من النّاجحين في البكلوريا).
-    تغطية مصاريف المؤسّسات العموميّة في الجوانب البيداغوجيّة والأنشطة الرياضيّة والثقافيّة والإقامة والإعاشة.
ملاحظة: يمكن اقتراح دعم الميزانيّة إذا تعذّر المقترح السّابق ذكره بالإعلان عن صندوق وطني للنّهوض بالتّعليم: صندوق 2025 تماشيا مع اسم المشروع، يموّل من تبرّعات الأشخاص ويرفض فيه الدّعم الخارجي ما عدا عدم اليونسكو والألسكو، ويمكن ان يموّل كذلك من خلال فرض ضريبة بسيطة على الدّخول العالية لصالح المدرسة العموميّة. وأقترح هنا أن تستعين الجامعة العامّة بخبراء في هذا المجال.
هذا تصوّر عامّ يمكن إغناؤه بالاستعانة بالخبراء والمختصّين. وهو كما هو ملاحظ تصوّر عامّ يمكن تطويره. وفي ذلك فليجتهد المجاهدون.
وأرجو أن تكون هذه الرّسالة فاتحة نقاش معمّق بين المهتمّين بوضع المدرسة العموميّة التّونسيّة.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

محمد عبد الوهاب، شقيق شيرين، دخل على الخط بمنشور عبر فيسبوك موجهاً فيه سؤالاً مباشراً للمحامي قنط
16:16 - 2025/08/23
في إطار فعاليات الدورة العاشرة للمهرجان الصيفي مرايا الفنون بالقلعة الكبرى، تم صباح اليوم السبت 2
13:35 - 2025/08/23
نجحت الفنانة الإماراتية أحلام في تقديم حفل فني يليق باسمها وبسمعة مهرجان قرطاج الدولي، كان مسك خت
07:00 - 2025/08/23
 تكتظّ الذّاكرة بالأمكنة، تظلّ على حالها كما احتضنتنا في عمر مّا  بنفس العبق ونفس الرّوح، ونفس ال
07:00 - 2025/08/23
تشهد أزمة الفنانة شيرين عبد الوهاب منعطفاً جديداً بعد تردد أنباء بشأن عودتها إلى الفنان حسام حبيب
19:12 - 2025/08/22
 ضمن السهرة الختامية لمهرجان أم الزين الدولي بجمٌال، يستعد عشاق الطرب لاستقبال الفنانة التونسية ا
07:00 - 2025/08/22
تنطلق فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية بسوسة يوم 30 أوت وكشفت هيئة المه
07:00 - 2025/08/22