رجع الصدى.. سامي الفهري في السجن. لماذا؟

رجع الصدى.. سامي الفهري في السجن. لماذا؟

تاريخ النشر : 16:14 - 2020/02/13

لا أعرف شخصيا سامي الفهري ولم ألتقه أبدا. كما أني لست ممّن تشدّهم قناته التلفزية ولي   على برامجها مآخذ كثيرة.
لكن لديّ تقدير للرجل وإعجاب حقيقي بذكائه وإصراره الذي مكّناه من إدارة ـ وإنجاح! ـ مشروع في حجم قناة تلفزية استطاعت أن تشغل موقعا بارزا، إن لم نقل الأبرز، من بين القنوات التونسية الخاصة والعمومية. بل إنها أصبحت القناة الأكثر تقليدا حتى أن جلّ القنوات لا سيما الخاصة منها لا تكاد تكون غير مجرّد استنساخ لها، شكلا ومضمونا.
إلى هنا كانت القصة جميلة لو لم يقع الزجّ بصاحب قناة الحوار التونسي في  السجن بشبهة الفساد وتبييض الأموال.
نعم هكذا، بكل بساطة ودون أي شكل آخر من الإجراءات يُرمى برجل في السجن. والأغرب أنّه كان قد قبع قبلها في نفس السجن وبنفس الطريقة ولنفس الشبهة. ثم أُخرج منه ثمّ أعيد إليه ثم كاد يخرج ثم أعيد...
هل لهذا الحدّ أصبح السجن في بلادنا أمرا عاديا يكاد يكون تافها ؟
وفي المقابل، هل أصبحت حرية الإنسان التي لا أجمل منها ولا أهمّ ولا أقدس لا تساوي شيئا ويمكن أن تُسلب منه لمجرد شبهة ؟
شخصيا لا أعلم  سبب حبس  سامي أكثر مما توحي به كلمات «الفساد» و«تبييض الأموال» التي تشكّل عنوان قضيته المطروحة أمام المحكمة. وهي كلمات جوفاء لم يعد لها معنى كبير، بحكم استخدامها المفرط وإطلاقها في كل الاتجاهات وعلى كل من هبّ ودبّ.
أنا لا أعلم ولا أحد حولي يعلم حقيقة إيقاف سامي الفهري لأن لا أحد أعلمنا وقدّم لنا المعلومة الشافية بوضوح وشفافية كاملين. أليس من حقنا أن نعلم لماذا يسجن مواطن لم يحاكم؟
ثم إن سامي الفهري ليس مواطنا عاديا. إنه من صنّاع الرأي في هذه البلاد ومسؤوليته تكون أكبر إن كان أخطأ لكنه  يجب أن لا يُنتهك حقه في قرينة البراءة. هو ليس فوق القانون وهو ليس تحته، ولنا في كل حال الحق في معرفة خطورة الشبهة التي أوجبت القذف به في السجن.
وفي غياب المعلومة التي توفّرها أجهزة كل عدالة مستقلة وناجزة في بلد ديمقراطي، يُصاب المواطن عندئذ بالإحباط. وينبت في قلبه وعقله الشك والخوف ويصبح مثل أبطال روايات الكاتب «كافكا» بريئا ينتظر أن يُعلن اتهامه.
ألسنا بلدا ديمقراطيا ؟ أليست عدالتنا مستقلة وناجزة ؟ أليس سامي الفهري مواطنا حرّا بريئا حتى تثبت إدانته؟ 
فلماذا يسجن إذن؟

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

نعم ثمة هجرة وثمة تهجير وثمة حرب تهجير متنقلة.
19:30 - 2024/05/06
عندما نتناول بالبحث والتدقيق من خلص البلاد التونسية من الاستعمار الفرنسي  أمثال الزعيم الحبيب بور
08:51 - 2024/05/06
أشرقت الأنوار يوم 23 ديسمبر2021 عندما أقدمت رئيسة إحدى الدّوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية على
08:50 - 2024/05/06
لا شبيه لدولة إسرائيل في كل شيء عبر كل العصور، وكي تكون كما كانت وتصورتها الحركة الصهيونية وجسدته
08:49 - 2024/05/06
لقد تبين للقاصي والداني بعد طوفان الأقصى اننا نعيش في عالم التوحش، وإلى ما بعد التوحش.
08:49 - 2024/05/06
إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03