بقلم عبد الجليل المسعودي: الصحافة الورقية و الدور الحيوي

بقلم عبد الجليل المسعودي: الصحافة الورقية و الدور الحيوي

تاريخ النشر : 15:12 - 2020/03/28

يا لها من مفارقة عجيبة! الصحافة، و الصحافة الورقية- امّ الإعلام -  خصّيصا، في الحجر الكامل في الوقت ذاته الذي يحتاج فيه الناس الى المعلومة الثابتة الصحيحة احتياجهم الى المأكل و المشرب، بل و لربما اكثر بكثير، لمواصلة الحياة.و مَن أفضل من  الصحافة المكتوبة يضمن توفير تلك المعلومة الثابتة الصحيحة؟


الكلّ يعلم حالة الركود و التراجع التي تعيشها الصحافة الورقية منذ حوالي عقد من الزمن في كل بلدان العالم، بدرجات متفاوتة دون شك، حسب المستوى الاقتصادي و الثقافي لكل بلد. لكن ظهور 


و توسّع نطاق الشبكات الاجتماعية اثّر سلبيا على الصحافة المكتوبة و حدّ من انتشارها.ولكن، و هنا مفارقة أخرى، دون ان تستطيع تعويضها و لعب الدور الذي تضطلع به الصحافة الورقية. بل العكس تماما، اذ سريعا ما تحولت هذه الشبكات الى منصّة لإطلاق و نشر الأخبار الزائفة(fake news) وتعدى ذلك في بلادنا الى التسابب و التنابز  بالألقاب و هتك أعراض الناس بعضهم لبعض. 


و كان من نتائج هذا الاستعمال الخاطئ للشبكات الاجتماعية فقدان الناس ثقتهم في ما تنشره و تروّجه لا سيما في الأوقات الصعبة الحاسمة  و في الأزمات الكبرى مثل التي تعيشها الإنسانية اليوم تحت تهديد وباء الكورونا. و لا ادل على فقدان ثقة الناس في الشبكات الاجتماعية ما جاء في استطلاع رأي قامت به و نشرته اليوم احدى اكبر مؤسسات الاستطلاع في الولايات المتحدة ، مهد الشبكات الاجتماعية،من ان أغلبية الأمريكيين ليست لهم ثقة في الشبكات الاجتماعية و يفضلون الصحافة الورقية لاستقاء اخبارهم و معلوماتهم.


ان الصحافة الورقية هي عقد فكري و اخلاقي بين الصحفي و قارئه يتحمّل على اساسه كل طرف مسؤوليته، و هي تمثّل كذلك ،و خصوصا،  أُسّا من  الأسس الفكرية و الثقافية و، بالنتيجة، السياسية لكل بلد يروم الديموقراطية. ذلك ان الصحافة الورقية هي الأقدر على توفير البحث ،و التحليل ،و الرأي و الرأي المخالف ،و شهادات الخبراء و المختصين، و هي كلها إسهامات ضرورية لبناء فكر نقدي لا تطوّر للممارسة الديمقراطية دونه ،ولا ديموقراطية حقيقية بتجاهله او تركه.


ان لفتة رئيس الحكومة الى الصحافة الورقية بعد دخولها الحجر الصحي الذي يعاقبها مرتين، مرة أولى من منعها من الوصول الى مشتريها و قرائها، و مرة ثانية من تلقي الإعلانات و الاشهار، لفتة تستحق التنويه و تؤكّد اهتمامه بمعانات القطاع و مصاعبه.
 
لكن النهوض بالصحافة الورقية و منعها من الضياع والاندثار مسؤولية و طنية مشتركة بين المهنيين والسلط العمومية يتعين القيام بها مستقبلا  بوعي و ادراك كاملين على غرار ما تقوم به جلّ دول العالم.
 لان كل صحيفة تختفي هي تراجع للحرية. وهي إنذار اخفاق للديمقراطية

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

نعم ثمة هجرة وثمة تهجير وثمة حرب تهجير متنقلة.
19:30 - 2024/05/06
عندما نتناول بالبحث والتدقيق من خلص البلاد التونسية من الاستعمار الفرنسي  أمثال الزعيم الحبيب بور
08:51 - 2024/05/06
أشرقت الأنوار يوم 23 ديسمبر2021 عندما أقدمت رئيسة إحدى الدّوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية على
08:50 - 2024/05/06
لا شبيه لدولة إسرائيل في كل شيء عبر كل العصور، وكي تكون كما كانت وتصورتها الحركة الصهيونية وجسدته
08:49 - 2024/05/06
لقد تبين للقاصي والداني بعد طوفان الأقصى اننا نعيش في عالم التوحش، وإلى ما بعد التوحش.
08:49 - 2024/05/06
إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03