توفقت الجمعية التونسية لقرى الأطفال "س و س" في وضع استراتيجية عمل للسنوات الخمس القادمة في أعقاب ورشة نظمتها على مدى أربعة أيام (من 16 إلى 19 أفريل 2024 ) بحضور فريق من المكتب الإقليمي للفيدرالية الدولية لقرى الأطفال س و س لمنطقة غرب ووسط وشمال إفريقيا وبمشاركة أعضاء الجمعية ولا سيما أعضاء الهيئة المديرة والمكتب الوطني والقرى والمربين وممثلة عن شباب وأطفال س و س.
تعد هذه الورشة الثامنة العشرة ضمن سلسلة الورشات التي يرافق تنظيمها المكتب الإقليمي في مختلف الجمعيات المنضوية تحت لواء الفيدرالية الدولية لقرى الأطفال س و س علما وأن عدد الجمعيات التابعة ضمن منطقة غرب ووسط وشمال إفريقيا يقدر ب21 جمعية بما فيها الجمعية التونسية لقرى الأطفال س و س.
وترسم الوثيقة المنبثقة عن هذه الورشة معالم الطريق لعمل الجمعية للسنوات القادمة وبرامجها المستقبلية وطموحات أبنائها والساهرين عليها في معالجة قضايا الطفولة المهددة في تونس وتحقيق الإدماج لها على الأصعدة الاجتماعية والتربوية والمهنية وذلك بالنسبة للفترة 2024-2029.
وتتمحور مخرجات الاستراتيجية الخماسية حول جملة من المجالات الكبرى تتصل ببرامج الرعاية والحماية لفائدة الطفولة الفاقدة للسند وأنظمة التصرف الداخلي والتكوين وتنمية القدرات وتعبئة الموارد والحوكمة المالية.
تستند الاستراتيجية الجديدة إلى رؤية تجعل الجمعية "عنصرا وطنيًا فاعلا في حماية الأطفال والشباب وتنمية المجموعات المحلية بموارد مستقرة ومستدامة". ولتحقيق ذلك، ستسعى الجمعية من خلال هذه الاستراتيجية إلى تنويع نطاق خدمات الرعاية بما يتجاوز الخدمات التقليدية، وتوسيع نطاق الرعاية لتشمل الأطفال في المناطق النائية والمحرومة، وزيادة وسائل التبرع والدعم المالي ورقمنتها، مثل الاقتطاع التلقائي الدائم (PAP) من الحساب البنكي.
تكتسي هذه الاستراتيجية أهمية قصوى باعتبارها ستسهم في تحديد أهم توجهات سياسة الجمعية وأنشطتها الموجهة للفئة المعنية بتقديم الخدمات وتلبية حاجيات الأطفال الفاقدين للسند وفق ما أكده المدير الوطني لقرى الأطفال س و س تونس أشرف السعيدي مضيفا قوله: "نريد لأطفالنا وشبابنا أن يكونوا أكثر تحقيقًا لذواتهم واندماجًا وفاعلية وقدرة على التغيير داخل مجموعات تكون مرنة وحامية ومحفزة".
وتسعى الاستراتيجية أيضا إلى دعم جهود الدولة ووزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن في مكافحة العوامل السلبية والظواهر الاجتماعية التي تهدد الأطفال وحصولهم على حقوقهم الأساسية والتخفيف من حدتها.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنه وفقاً للتقرير الوطني الطوعي حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في تونس، فإن طفلاً تونسياً واحداً على كل 4 أطفال يعيش تحت خط الفقر (هذه الآفة التي تشكل مصدر تهديد للطفل)، وأنه وفقاً لتحليل وضع حقوق الطفل في تونس (الذي تقوم به اليونيسيف مرة كل 5 سنوات بالشراكة مع سلطة الإشراف)، فإن 11% من الأطفال في تونس لا يزالون محرومين من المرحلة الإعدادية من التعليم. 
للتذكير فقد وضعت الجمعية التونسية لقرى الأطفال س و س على رأس أولوياتها لسنة 2024 مضاعفة عدد الأطفال المستفيدين من خدمات الرعاية المختلفة ليبلغ إجمالا 5000 طفلا بعد أن كان العدد في حدود 2500 طفل سنة 2023 وهي تأمل أن يتواصل نسق تعميم الخدمات ليشمل 7000 مستفيدا في أفق 2029. 
وتشمل الرعاية الأطفال داخل القرى الأربعة (قمرت، سليانة، المحرس وأكودة) والمحضونين في المنازل المندمجة داخل المجتمع (شكل رعاية مستحدث خارج القرى التقليدية يراد من خلاله إزالة الفوارق بين الأطفال المكفولين وباقي الأطفال من حيث منازل الإيواء) والمنتفعين ببرنامج دعم الأسرة وحماية الطفولة من الإهمال داخل أسرهم.

كما شرعت الجمعية خلال بداية السنة الحالية في تركيز النواة الأولى لقرية أطفال س و س القيروان من خلال فتح مكتب دعم الأطفال المهددين والأسر الفقيرة والهشة بمقر معتمدية العلا، اعتبارا للوضع التنموي الصعب الذي يساهم في تضاعف نسبة وأشكال التهديد على الطفولة.
تجربة ترنو الجمعية إلى تطويرها ونقلها إلى جهات أخرى تشهد ظروفا مشابهة، ومن بينها معتمدية حاسي الفريد بولاية القصرين وغيرها من المناطق ذات الأولوية في التدخل.
كما شهدت الجمعية التونسية لقرى الأطفال س و س نقلة نوعية وتطورا ملحوظا في رعاية الأطفال وتحسين نسب الإدماج الاجتماعي والمهني وتطوير مؤشرات الشفافية والحوكمة لا سيما في أساليب التصرف وتعبئة الموارد وحشد الدعم المادي.