يُعدّ مشروع مصنع ثلاثي الفسفاط الرفيع بالمظيلة 2 بولاية ڨفصة، والذي شهد تعطيلا في الإنجاز منذ عدّة سنوات، مكسبا استراتيجيا للاقتصاد الوطني خاصة على مستوى القطاع الصناعي والطاقي، إذ يهدف إلى مزيد النهوض بقطاع المناجم وخصوصا على صعيد إنتاج الأسمدة الكيميائية ودعم مكانة تونس في السوق العالمية لثلاثي الفسفاط الرفيع والحامض الفسفوري، حيث من المتوقع أن يضمن المشروع عند استكمال إنجاز جميع مكوّناته إنتاج 400 ألف طن سنويا من ثلاثي الفسفاط الرفيع و180 ألف طن من الحامض الفسفوري المركّز، كما سيمكّن من تحقيق رقم معاملات يتجاوز 521 مليون دينار سنويا.
وفي إطار تجسيم مختلف القرارات الحكومية المتعلقة بالتسريع في إنجاز المشاريع العمومية والخاصة ومتابعة وتذليل الصعوبات التي تعترضها، تمّ عشيّة يوم أمس الاثنين 30 سبتمبر 2024، بقصر الحكومة بالقصبة التوقيع على ثماني اتفاقيات بين المجمع الكيميائي التونسي وعدد من الشركات الوطنية والأجنبية للتسريع في استكمال مشروع مصنع ثلاثي الفسفاط الرفيع بالمظيلة 2 بولاية ڨفصة، وذلك بحضور وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب، وسفير جمهورية الصين الشعبية بتونس "وان لي" وممثلي الشركات المعنية.
هذا وبلغ حسب معطيات صادرة عن شركة فسفاط قفصة انتاج الفسفاط خلال السداسي الأول لسنة 2024 حوالي 1,8 مليون طن، بزيادة تقدر بـ 25 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة. ويتم بيع نحو 80 بالمائة من الانتاج للمجمع الكيمائي التونسي الذي يحولها بدوره إلى مواد أخرى ويصدرها إلى الأسواق العالمية فيما يتم تصدير الفسفاط الخام بكميات صغيرة إلى أوروبا.
ولدعم القطاع جرى اتخاذ عدة قرارات لتنفيذ برامج ترمي الى تطوير وتنمية نشاط الشركة وتجديد المعدات، حيث تم رصد اعتمادات بقيمة 50 مليون دينار لاقتناء معدات جديدة لفائدة الشركة. كما تعمل سلط الإشراف على تعزيز الاستثمار في شحن الفسفاط عبر القاطرات والتسريع في انجاز وحدة الانتاج بأم الخشب مع التأكيد على ضرورة تهيئة فضاءات التعبئة، علما ان الشركة تهدف إلى إنتاج 10 ملايين طن من الفسفاط واعتماد النقل الهيدروليكي خلال السنوات القادمة.
وكانت الشركة قد أدخلت مؤخرا مجموعة من الآليات الثقيلة الجديدة الخدمة بعدة مواقع للرفع من مستوى الإنتاج الذي تراجع خلال السنتين الأخيرتين بسبب تقادم بعض الآليات حيث بلغ الإنتاج السنوي خلال سنة 2022 قرابة 3.2 مليون طن و2.9 مليون طن سنة 2023. ولسنوات عديدة ظل الفسفاط مصدراً مهما للعملة الأجنبية بالنسبة للبلاد، غير أن الأحداث المتعاقبة منذ العام 2011 أسهمت في تراجع الإنتاج بشكل لافت، بما انعكس على موارد الدولة من النقد الخارجي.

في هذا الصدد، شكلت محطات عديدة عقبات في طريق إنتاج الفسفاط بالبلاد، من بينها الإضرابات التي سجلها القطاع منذ 2011، بما في ذلك إضرابات شركة فوسفات قفصة، وتوقف عمليات الاستخراج في جل مناطق الحوض المنجمي تحت وطأة الاحتجاجات، علاوة على مشاكل الاعتصامات للمطالبة بالتشغيل. وتُظهر البيانات تراجعاً واسعاً في حجم الإنتاج، والذي كان يصل إلى نحو 8.5 مليون طن سنة 2010، ليتراجع إلى ما دون الأربعة ملايين طن بعد ذلك.
وفي سياق مساعي الدولة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة، فإنها تتبنى خططاً رامية للاستفادة من هذا المورد الرئيسي واستعادة المعدلات الإنتاجية السابقة تدريجياً، بداية من الوصول لعتبة الخمسة ملايين طن خلال العام الجاري 2024 مقارنة مع 3.2 مليون طن في العام الماضي 2023. في نفس الإطار، تعمل شركة فسفاط قفصة على العودة التدريجية لنسق الإنتاج وبلوغ معدل إنتاج شهري في حدود 420 ألف طن وذلك بحكم تحسن الأوضاع الاجتماعية بالحوض المنجمي، بالإضافة إلى تطور نسق نقل الفسفاط.
هذا ولم يتمكن قطاع الفسفاط ومشتقاته من بلوغ الأهداف المرسومة خلال العام المنقضي، حيث كانت التطلعات تشير الى تعبئة 3.6 مليار دينار كعائدات لصادرات القطاع. وقد جاءت التوقعات للعام الحالي إيجابية في مجملها، حيث تضمنت وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والتخطيط تقديرات برفع نسق الإنتاج ليبلغ 5 مليون طن لكامل 2024 مع زيادة نسق نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية الى حوالي 4.3 مليون طن مقابل 3 مليون طن سنة 2023 وتصدير حوالي 600 ألف طن من الفسفاط.
وامتدادا للتوقعات الايجابية التي تضمنها الميزان الاقتصادي توجد الأهداف التي وضعتها وزارة الصناعة والتي تتضمن أرقام تسير في نفس الاتجاه وذلك من خلال التطلع الى أن تكون سنة 2024 سنة القطع مع النتائج السلبية المسجلة طيلة السنوات الماضية جراء الاعتصامات والمطلبية الاجتماعية المتكررة التي لم تتوقف رغم الجهود المبذولة التي ما فتئ القطاع يوفرها لأهالي الحوض المنجمي والتي حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة حيث من المؤمل أن يرتفع إنتاج شركة فسفاط قفصة مع موفى سنة 2024 الى مستوى يقترب من الطاقة التصميمية للوحدات الحالية ليتواصل هذا الإنتاج بوتيرة متصاعدة خلال السنوات الثلاثة المقبلة ليصل إلى 14.5 مليون طن مع نهاية 2027.