في الآونة الأخيرة ،قامت بعض الأطراف في عدد من الدول، مرة أخرى، بترويج "نظرية القدرة الإنتاجية الفائضة في الصین"، وأشاروا بأصابع الاتھام إلى صناعة الطاقة الجديدة الصینیة.
ودعت هذه الأطراف إلى إقامة "جدار معارضة" ضد الصین بھدف عرقلة التنمیة فیھا في محاولة لمواصلة سیاسة الھیمنة التي تعكس مخاوفھم من القدرة التنافسية القوية للصين.
كما سعت إلى منع التحديث الصناعي والابتكار التكنولوجي في العديد من الدول النامیة، بما فیھا الصین ، بھدف ابقائھا في أسفل سلم القیمة. إنّ مثل ھذه الأصوات تتعارض مع تیار العصر الذي یقوم على الانفتاح والكسب المشترك، وھي مواقف تضرّ بالمصالح المشتركة لجميع البلدان.
 في الواقع، إن القدرة الإنتاجية لصناعة الطاقة الجديدة في الصین لم تسجل نسبا مفرطة، كما أنه سیتم استخدامھا لتساعد، بشكل فعّال، بلدان العالم ،بما فیھا تونس، على تسریع التحول الطاقي ومكافحة تغیّر المناخ. وتتعارض "نظریة القدرة الإنتاجية الفائضة" مع مبادئ الاقتصاد وھي تحمل في طیاتھا تناقضات منطقية داخلیة لا تختلف عن "نظرية تجريم التصدير".
 وأشار عدد من وسائل الإعلام، بما فیھا "بلومبرغ" و"فایننشال تایمز" البریطانیة، إلى مزاعم بعض الأطراف الذين اعتبروا أنّ تصدیر الصین لقدرتھا الإنتاجية الفائضة ینتھك "نظریة الأفضلية المقارنة"، وھو المبدأ الأساسي في علم الاقتصاد علاوة عن استحالة قيام علاقات تجارية بين الدول، إذا ما اعتمدنا مقولاتھم.
 والواقع أن الصین تتصدر موقعاً رائدا في عدد من مجالات التصنیع، وفقا لمبادئ التجارة الحرة والأفضلية المقارنة. كما أنه لا یمكن اعتبار أي دولة بأن قدرتھا الإنتاجية فائضة لمجرد أنه تتوفر لديها مزايا صناعية .
إن "نظرية القدرة الإنتاجية الفائضة" لا تجد لھا أثرا في الواقع. وجاء في التقارير المھنیة الصادرة عن المنظمات الدولیة الموثوقة والتحليلات والتعليقات التي أوردھا الخبراء في كافة المجالات، أنّ معدل استخدام القدرة الإنتاجية المتعلقة بمصانع سيارات الطاقة الجديدة في الصين تتجاوز %80. وتتجاوز ھذه نسبة الـ70 بالمائة لدى جميع الشركات الرائدة في صنع بطاريات اللیثیوم والمكونات الكھروضوئیة وھي، بذلك، أعلى بكثير من المعدلات العالمية التي تقدر بـ40 بالمائة.ةة                  
أما إذا أخذنا بعین الاعتبار مؤشر العرض المحلي، فإن إنتاج الصین حوالي 10 ملیون سيارة تستخدم الطاقة الجديدة خلال العام الماضي كانت أقل بكثير من حجم طلب السوق المحلية .كما لم تتجاوز نسبة تصدير السيارات الصینیة 15 بالمائة، وھي أقل بكثير من نسبة تصدير السيارات في اليابان (45 بالمائة)، وجمھوریة كوريا (72 بالمائة)، وألمانيا (79 بالمائة).
ونشير إلى أنه، خلال سنة 2023 ،لا نجد سوى شركة صینیة واحدة فقط من بين الشركات العشر الأوائل في مجال مبيعات السيارات على مستوى العالمي، وھي شركة BYD التي تقدر مبیعاتھا بأقل من ثلث مبیعات "تویوتا" و"فولكس فاغن".
 كما أنّ حصة مبيعات شركات السيارات الصینیة تمثل أقل من %1 في السوق الألمانیة، الأمر الذي یجعل الادعاءات حول إغراق السوق بالسیارات الكھربائیة الصینیة لا أساس له من الصحة. ومن جھة أخرى نلاحظ أن حجم الطلب ونسق مبيعات السيارات الكھربائیة في السوق العالمیة، آخذ في الارتفاع ولم يسجل القدرة الإنتاجية الفائضة وھو ما یجعل ھذه الادعاءات دون أية فائدة للعالم .
 وفي المقابل، سجلت درجات حرارة الطقس، خلال السنوات الأخیرة، ارتفاعا كبيرا خلال فترة الصيف في العديد من البلدان، بما فیھا تونس، وھو ما یتطلب من المجتمع الدولي، بشكل ملح، العمل المشترك لمكافحة تغیّر المناخ.
یشیر التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، أنه تمّ على مدى العقد الماضي، تسجیل انخفاض، على المستوى العالمي، بنسبة 60 % في متوسط التكلفة لتوليد كيلو واط لكل ساعة عبر مشاريع طاقة الرياح وتقدر ھذه النسبة ب80 % في مجال الطاقة الكھروضوئیة.
 وقد تحقّقت ھذه النتائج بفضل جھود الصین التي نجحت كذلك في خفض 2.83 مليار طن من الانبعاثات العالمیة للغازات الدفیئة، وھو ما یمثّل 41 % من إجمالي حجم خفض الانبعاثات العالمیة من مكافئ ثاني أكسید الكربون خلال نفس الفترة، بفضل تصدير منتجات طاقة الرياح والكھروضوئیة.
وساھمت الصین، بشكل ملحوظ ،في تیسیر النفاذ إلى تكنولوجيات الطاقة النظيفة وتقليل تكلفة استخدام التكنولوجيات الخضراء على الصعيد العالمي. والأكید، أنّ تطور صناعة الطاقة في الصين سيساعد دول العالم على تسریع التحوّل الطاقي .
كما سیساھم بشكل كبیر في الجھود العالمیة لمكافحة تغیّر المناخ في حین أنّ ترویج "نظریة القدرة الإنتاجية الفائضة" ومحاولات الحدّ من تطویر شركات الطاقة الجدیدة في الصین، من شأنه أن یؤدي إلى تأخير تحقيق التحول الطاقي العالمي وإلى إضعاف قدرة دول العالم على مكافحة تغیّر المناخ.
وتتوفر لدى الصين وتونس إمكانيات تعاون ھامة في مجال الطاقات الجديدة وغیرھا من المجالات. منذ وقت لیس ببعید، أدى فخامة الرئیس قیس سعید زیارة الدولة إلى الصین. وتمّ تحت إشرافه وفخامة الرئيس شي جینبینغ، التوقیع على عدد من وثائق التعاون الثنائي في مجال التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون ومجالات أخرى.
 كما زار الرئيس التونسي مقر شركة BYD الصینیة، ذات الصيت العالمي المختصة في تصنيع وسائل النقل التي تستخدم الطاقة الجديدة. وقد أبدى فخامة الرئیس قیس سعید اھتماما خاصا بالحافلات العمومیة الكھربائیة وأدّى جولة على متن إحدى ھذه الحافلات .
لقد اعتمدت تونس، التي تتمتع بموقع جغرافي متميز باعتبارھا نقطة ربط ما بين السوق الأوروبية والافریقیة، استراتیجیة وطنية في مجال تطوير الطاقة المتجددة.
 كما أنه تتوفر لدیھا مصادر ھامة للطاقة الخضراء، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الریاح، وھي من عوامل جذب كبير لشركات تصنيع وسائل النقل المعتمدة على الطاقة الجديدة الصینیة، التي ستسعى إلى التسريع في تطویر أعمالھا في تونس.
ویتمیز التعاون بين الصين وتونس في مجال الطاقة الجديدة بالتكامل ما بین احتیاجات التحول الطاقي في تونس والقدرة الإنتاجية ذات الجودة العالية للشركات الصینیة.
وتسعى الصین، في ھذا المجال إلى مساعدة تونس على تحقيق التحول الطاقي وتحسین قدرتھا على مكافحة تغیّر المناخ. وتجسّدت ھذه الرغبة ضمن التوافق المھم الذي توصّل إلیه رئیسا الدولتین، وھو ما سیساھم، بشكل فعّال، في تحقیق التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة المستدامة في تونس