مع الشروق ..عندما نحرق أوراقنا الرابحة... ونراهن على أوراق الآخرين... الخاسرة
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/11/22
بعد العاصمة الصينية بيكين تحوّل أعضاء اللجنة العربية ـ الاسلامية التي شكلتها قمّة الرياض المنعقدة مؤخرا إلى العاصمة الروسية موسكو.. اللجنة مكلفة بالتحوّل إلى عديد الدول لحثها على الضغط في اتجاه لجم العدوان الصهيوني على غزة والدفع باتجاه ايجاد أرضية ملائمة لإنجاز حل الدولتين الذي يبقى الكفيل وحده بنزع فتيل الصراع واعطاء الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي طليعتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية كما تنص على ذلك قرارات الشرعية الدولية.
في الظاهر يبدو الجهد محمودا والمسعى خيّرا لجهة كونه يهدف إلى إنهاء مسلسل حرب الابادة الذي تنفذه آلة الحرب الصهيونية ضد المدنيين العزّل في قطاع غزّة.. لكن باطن هذا الجهد يكشف مفارقة عجيبة غريبة تنم عن استغباء للجماهير العربية والإسلامية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني.. أو تكشف إقرارا عربيا ـ اسلامية بالعجز الكامل عن التأثير في مجرى الأحداث.
فالقادة والمسؤولون العرب والمسلمون الذين اجتمعوا قبل أيام في العاصمة السعودية الرياض يملكون الكثير من الأوراق التي كان بمقدورها تغيير مجرى اللعبة والتأثير في سيرورة الأحداث لو تم توظيفها توظيفا جيدا لخدمة الهدف الكبير ممثلا في الضغط على الكيان الصهيوني وإجباره على وقف العدوان.. وممثلا كذلك في الضغط على حلفاء الكيان وداعميه (أمريكا والدول الأوروبية التابعة) بهدف إجبارها على الضغط على سلطات الكيان لتحصيل وقف فوري لإطلاق النار.
قادة الدول العربية والإسلامية يقف وراءهم قرابة ملياري مسلم وتدعمهم ساحات وشوارع عربية وإسلامية معبأة ومنتفضة وثائرة ضد الكيان الصهيوني وضد المجازر الجماعية وحرب الابادة التي يشنها على أشقائنا في القطاع وفي الضفة الغربية المحتلة أيضا.. وقد كان بالإمكان تجيير هذه الورقة ووضعها في معادلات الصراع لجهة قدرة هذه الجماهير على تهديد المصالح الأمريكية والغربية والصهيونية لو لم يتم الضغط لوقف حرب الابادة على غزة.
القادة العرب والمسلمون يملكون كذلك ورقة التطبيع مع الكيان.. خاصة وعديد الدول العربية والاسلامية طبّعت علاقاتها مع الصهاينة وقد كان بالامكان على الأقل التلويح بمجرّد تجميد هذه العلاقات ـ علاوة على التلويح بقطعها ـ لإجبار العدو الصهيوني على التراجع عن قراره بمواصلة العدوان.. لكن القادة العرب والمسلمين آثروا أيضا احراق هذه الورقة والاحجام حتى عن مجرد التلويح بها وهو ما عدّته سلطات الكيان بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار في العدوان. فكيف نمنح العدوان الضوء الأخضر بيد ونعود لنبحث عن رجال مطافئ لإخماد الحريق من جهة أخرى؟
القادة العرب والمسلمون كانت بأيديهم كذلك ورقة النفط والغاز.. حيث كان بالإمكان على الأقل تهديد أمريكا والغرب بقطع الامدادات طالما تمادى العدوان بغية اجبار هذه الأطراف التي تعطي العدوان أسباب الاستمرار والعربدة وتعطيه الغطاء السياسي اللازم على الضغط على الكيان لفرملة حرب الابادة التي يمضي في تنفيذها على أزيد من مليوني مواطن تعرضوا لما يعادل ثلاثة أضعاف القنبلة النووية.. هذا دون الحديث عن باقي الأوراق وهي كثيرة ومتنوعة ومنها ورقة المقاطعة الاقتصادية الكفيلة بتركيع كل الجبابرة متى وضعت على الطاولة وتم التهديد باستعمالها ضد الدول والشركات الداعمة للعدوان. علاوة على ورقة فتح معبر رفح وحماية هذا القرار لأن المعبر يفترض أنه يقع في أرض عربية بين مصر وفلسطين ويخضع لسيادة هذين البلدين.
لكن قادة الدول العربية والاسلامية ويا للمفارقة، أحرقوا كل هذه الأوراق الرابحة.. وخرجوا بقرارات باهتة، فاترة لا تساوي أزيد من الحبر الذي كتبت به.. بل انها شكلت ضوءا أخضر للكيان وعنوان عجز قدموه باسم زهاء ملياري مسلم لدول الاستكبار العالمي.. وبعد كل هذا راحوا يبحثون عن أوراق أخرى في أقاصي الأرض ولدى أطراف دولية أخرى بغية حثها على التدخل لاحراز وقف لإطلاق النار.. مع علم أعضاء اللجنة الموقرين سلفا بأن هذه الأطراف تكاد تكون بدون تأثير يذكر على مجريات العدوان على غزة وأبانت عن عجزها عندما عجزت عن فرض وقف فوري لاطلاق النار في مجلس الأمن.
أليس من العبثية أن نحرق أوراقنا وهي أوراق فاعلة ورابحة ونعود فنبحث عن أوراق أخرى نعرف جيدا أنها أوراق خاسرة ولا وزن لها في معادلات الحرب الحالية؟ سؤال يبقى برسم أعضاء هذه اللجنة ومن ورائها كل قادة الدول العربية والاسلامية الذين قرروا إرسالها.. من باب «رفع العتب» على ما يبدو.. أو لتشييع القضية الفلسطينية إلى مثواها الأخير.. شأنها شأن كل اللجان التي سبقتها والتي لم تنفع القضية في شيء» والتي قبرت الكثير من القضايا ومن آمال وتطلعات الأمة...
عبد الحميد الرياحي
بعد العاصمة الصينية بيكين تحوّل أعضاء اللجنة العربية ـ الاسلامية التي شكلتها قمّة الرياض المنعقدة مؤخرا إلى العاصمة الروسية موسكو.. اللجنة مكلفة بالتحوّل إلى عديد الدول لحثها على الضغط في اتجاه لجم العدوان الصهيوني على غزة والدفع باتجاه ايجاد أرضية ملائمة لإنجاز حل الدولتين الذي يبقى الكفيل وحده بنزع فتيل الصراع واعطاء الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي طليعتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية كما تنص على ذلك قرارات الشرعية الدولية.
في الظاهر يبدو الجهد محمودا والمسعى خيّرا لجهة كونه يهدف إلى إنهاء مسلسل حرب الابادة الذي تنفذه آلة الحرب الصهيونية ضد المدنيين العزّل في قطاع غزّة.. لكن باطن هذا الجهد يكشف مفارقة عجيبة غريبة تنم عن استغباء للجماهير العربية والإسلامية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني.. أو تكشف إقرارا عربيا ـ اسلامية بالعجز الكامل عن التأثير في مجرى الأحداث.
فالقادة والمسؤولون العرب والمسلمون الذين اجتمعوا قبل أيام في العاصمة السعودية الرياض يملكون الكثير من الأوراق التي كان بمقدورها تغيير مجرى اللعبة والتأثير في سيرورة الأحداث لو تم توظيفها توظيفا جيدا لخدمة الهدف الكبير ممثلا في الضغط على الكيان الصهيوني وإجباره على وقف العدوان.. وممثلا كذلك في الضغط على حلفاء الكيان وداعميه (أمريكا والدول الأوروبية التابعة) بهدف إجبارها على الضغط على سلطات الكيان لتحصيل وقف فوري لإطلاق النار.
قادة الدول العربية والإسلامية يقف وراءهم قرابة ملياري مسلم وتدعمهم ساحات وشوارع عربية وإسلامية معبأة ومنتفضة وثائرة ضد الكيان الصهيوني وضد المجازر الجماعية وحرب الابادة التي يشنها على أشقائنا في القطاع وفي الضفة الغربية المحتلة أيضا.. وقد كان بالإمكان تجيير هذه الورقة ووضعها في معادلات الصراع لجهة قدرة هذه الجماهير على تهديد المصالح الأمريكية والغربية والصهيونية لو لم يتم الضغط لوقف حرب الابادة على غزة.
القادة العرب والمسلمون يملكون كذلك ورقة التطبيع مع الكيان.. خاصة وعديد الدول العربية والاسلامية طبّعت علاقاتها مع الصهاينة وقد كان بالامكان على الأقل التلويح بمجرّد تجميد هذه العلاقات ـ علاوة على التلويح بقطعها ـ لإجبار العدو الصهيوني على التراجع عن قراره بمواصلة العدوان.. لكن القادة العرب والمسلمين آثروا أيضا احراق هذه الورقة والاحجام حتى عن مجرد التلويح بها وهو ما عدّته سلطات الكيان بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار في العدوان. فكيف نمنح العدوان الضوء الأخضر بيد ونعود لنبحث عن رجال مطافئ لإخماد الحريق من جهة أخرى؟
القادة العرب والمسلمون كانت بأيديهم كذلك ورقة النفط والغاز.. حيث كان بالإمكان على الأقل تهديد أمريكا والغرب بقطع الامدادات طالما تمادى العدوان بغية اجبار هذه الأطراف التي تعطي العدوان أسباب الاستمرار والعربدة وتعطيه الغطاء السياسي اللازم على الضغط على الكيان لفرملة حرب الابادة التي يمضي في تنفيذها على أزيد من مليوني مواطن تعرضوا لما يعادل ثلاثة أضعاف القنبلة النووية.. هذا دون الحديث عن باقي الأوراق وهي كثيرة ومتنوعة ومنها ورقة المقاطعة الاقتصادية الكفيلة بتركيع كل الجبابرة متى وضعت على الطاولة وتم التهديد باستعمالها ضد الدول والشركات الداعمة للعدوان. علاوة على ورقة فتح معبر رفح وحماية هذا القرار لأن المعبر يفترض أنه يقع في أرض عربية بين مصر وفلسطين ويخضع لسيادة هذين البلدين.
لكن قادة الدول العربية والاسلامية ويا للمفارقة، أحرقوا كل هذه الأوراق الرابحة.. وخرجوا بقرارات باهتة، فاترة لا تساوي أزيد من الحبر الذي كتبت به.. بل انها شكلت ضوءا أخضر للكيان وعنوان عجز قدموه باسم زهاء ملياري مسلم لدول الاستكبار العالمي.. وبعد كل هذا راحوا يبحثون عن أوراق أخرى في أقاصي الأرض ولدى أطراف دولية أخرى بغية حثها على التدخل لاحراز وقف لإطلاق النار.. مع علم أعضاء اللجنة الموقرين سلفا بأن هذه الأطراف تكاد تكون بدون تأثير يذكر على مجريات العدوان على غزة وأبانت عن عجزها عندما عجزت عن فرض وقف فوري لاطلاق النار في مجلس الأمن.
أليس من العبثية أن نحرق أوراقنا وهي أوراق فاعلة ورابحة ونعود فنبحث عن أوراق أخرى نعرف جيدا أنها أوراق خاسرة ولا وزن لها في معادلات الحرب الحالية؟ سؤال يبقى برسم أعضاء هذه اللجنة ومن ورائها كل قادة الدول العربية والاسلامية الذين قرروا إرسالها.. من باب «رفع العتب» على ما يبدو.. أو لتشييع القضية الفلسطينية إلى مثواها الأخير.. شأنها شأن كل اللجان التي سبقتها والتي لم تنفع القضية في شيء» والتي قبرت الكثير من القضايا ومن آمال وتطلعات الأمة...
عبد الحميد الرياحي
