مع الشروق ..أردوغان يثبّت حكمه فهل يغيّر سياساته؟

مع الشروق ..أردوغان يثبّت حكمه فهل يغيّر سياساته؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/05/30

باختياره الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، اختار الشعب التركي الاستقرار على الفوضى السياسية، التي كانت ستعصف بالبلاد إذا ما فاز مرشّح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو بالرئاسة.
الواضح الآن في اللعبة السياسية في تركيا، أن أردوغان لا يمكن هزيمته ،على الأقل حتى الآن، رغم الأخطاء ورغم الأزمات التي خلّفها حكمه داخليا واقليميا ودوليا في السنوات الأخيرة.
فأردوغان الذي يتقن اللعب على جميع الحبال السياسية ويعرف جيّدا الوتر الحساس للشعب التركي لحشده في أوقات الضرورة، بات بلا منازع وقلب طاولة المعارضة السداسية على مرشّحها كمال كليتشدار اوغلو.
لكن هذا الفوز الذي ثبّت به الرئيس التركي حكمه لخمس سنوات أخرى، تعترضه مطبّات وتحدّيات داخلية وإقليمية ودولية كثيرة، مما يعني أن "السلطان" في حاجة الى ادخال تغييرات في سياساته المتّبعة.
وقد تكون هذه التغييرات التي وعد بها خلال حملته الانتخابية هي العامل الرئيسي في إطاحته بالمعارضة في السباق التشريعي والرئاسي، باعتبار أن وعود الطرفين كانت مختلفة بل ومتناقضة أحيانا.
والملاحظ هنا أن التغييرات التي تحدّث عنها أردوغان بدأها بالفعل منذ مدّة، عندما اتّبع نهج تصالحي في إطفاء جميع الأزمات تقريبا التي كانت بلاده طرفا فيها وهو نفسه سببها عندما غلبه طموح استرجاع الإرث العثماني في المنطقة.
والتغيير قد يعني شيئا أساسيا واحدا، وهو العودة الى سياسة "صفر مشاكل" التي اتبعها أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في بداية حكمه (2002) والتي جلبت الرخاء لتركيا وجعلتها دولة في مصافي القوى الاقتصادية الكبرى، قبل أن تدخله امريكا في مغامرات "الربيع العربي".
والفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة، تبدو بالفعل آخر فرصة لأردوغان وحزبه لمراجعة الحسابات السياسية داخليا وخارجيا، حتى يعود العصر الذهبي لرخاء البلاد وقوة اقتصادها.
وقد يكون المواصلة في النهج التصالحي الاستراتيجي وليس التكتيكي مع الدول العربية خاصة، عاملا أساسيا، فقد تحدّث اردوغان نفسه عن أن دولًا خليجية أرسلت في الآونة الأخيرة تمويلًا إلى تركيا، ما ساعد لفترة وجيزة في تخفيف الأعباء عن كاهل البنك المركزي التركي والأسواق.
كذلك قد يكون اكمال المصالحة مع دمشق والاجتماع مع رئيسها، أمرا ضروريا لحل أزمة اللاجئين السوريين الذين كانوا عماد السجال الانتخابي بين المرشّحين الرئاسيين وباتت عودتهم أمرا ملحّا.
الأمر الآخر الضروري، هو المحافظة على السياسة الحالية المتّبعة في صدام موسكو مع الغرب والتي تقوم على الحياد وتبجيل المصالح الوطنية الخالصة لتركيا، بعيدا عن الضغوط الأمريكية التوريطية.
وقد اعترف فعلا إبراهيم قالين المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن الدول الغربية تمارس ضغوطا على تركيا منذ نحو عام ونصف، وتطالب بفرض عقوبات على روسيا الاتحادية.
من المهمّ جدا لتركيا الآن وفي ظلّ الصراع الشامل بين روسيا والغرب أن تظلّ على نفس المسافة من الطرفين أو أن تتصرّف وفق مصالحها لا وفق تحالفاتها مع الغرب  وخاصة واشنطن التي تضع حتى أقرب حلفائها حطبا لنيران صراعاتها ومصالحها.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك