مع الشروق .. غزّة... الإرادة التي هزمت وهم الرّدع

مع الشروق .. غزّة... الإرادة التي هزمت وهم الرّدع

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/05/17

ما يمكن استخلاصه من جولة التصعيد الأخيرة بين حركة "الجهاد الإسلامي" والكيان الصهيوني، أن صواريخ الإرادة والتحدّي قادرة على تمريغ قبّة الرّدع في الوحل، وأن يد المقاومة طويلة و لا يمكن إيقافها حتى بـ "مقلاع داوود".
صحيح أن "الجهاد الاسلامي"  خسرت 11 من قادتها الميدانيين في حرب الأيام الخمسة، لكن خسارة الكيان الصهيوني بالمقابل لم تكن هيّنة وهو الذي لطالما سوّق أنه قوة عظمى لا تقهر.
نقول هذا الكلام لأن كل إمكانيات الكيان الغاشم العسكرية والاستخباراتية، كانت في مواجهة فصيل واحد من المقاومة (الجهاد الاسلامي) ذي القدرات البسيطة والهمم الكبيرة وليس كل فصائلها وخاصة حركة "حماس".
فرغم هذا الاستفراد بـ"الجهاد الاسلامي" ، وهو أمر أحرج حركة حماس بالمناسبة، نجح فصيل المقاومة في إطلاق 1469 صاروخا وقذيفة هاون، وبقي جناحه العسكري "سرايا القدس" يقصف المُستوطنات الصهيونية حتى آخِر دقيقة قبل سريان وقف إطلاق النار.
ولم تسقط القبة الحديدية للاحتلال إلا 437 صاروخا وقذيفةَ هاون فقط، فيما وصلت بقيّة الصّواريخ إلى تل أبيب والقدس المحتلّة، وهو فشل ذريع مني به الكيان الصهيوني وأسقط وهم سياسة الرّد الذي ينتهجها في كل مواجهة مع المقاومة.
ومثّل الاعتماد ولأول مرّة على منظومة "مقلاع داوود" دليل آخر على أن لا شيء يوقف صواريخ المقاومة (متواضعة الامكانيات)، وأن الرسالة واضحة إذا ما قرّر الاحتلال يوما ما التهوّر والدخول في مواجهة شاملة مع كل فصائل المقاومة مجتمعة فما بالك بكل محور المقاومة.
نتنياهو الذي أراد تصدير أزمات الاحتلال الداخلية وخاصة أزمات ائتلافه الحكومي، تفاخر بالنّصر في الجولة الأخيرة وبتركيع المقاومة في غزة، لكن كذبه هذا لم يدم كثيرا وتم دحضه سريعا.
فقد نشرت صحيفة "معاريف" العبرية، استطلاعا أظهر نتائج صادمة، حول آراء الصهاينة عن الجهة التي خرجت منتصرة في العدوان الأخير على غزة والذي سيطرت عليه بصفة كبيرة مشاهد الفزع والهلع داخل مدن الاحتلال.
الاستطلاع أظهر أن 55.7 بالمئة من الصهاينة، يعتقدون أن جيش الاحتلال فشل في تحقيق أي انتصار في غزة، وأن مشكلة المقاومة لا تزال قائمة، فيما أجاب 32.1 بالمئة فقط، بأن جيش الاحتلال حقق نصرا عسكريا في غزة.
من جهة أخرى رأى 12.2 بالمئة من المستطلعين، أن حركة "الجهاد الإسلامي" هي التي انتصرت في المعركة الأخيرة مع الاحتلال، بفضل قدرتها على تعطيل مستوطنات غلاف غزة.
وكان أفيغدور ليبرمان وزير الأمن الاحتلال السّابق أكثر دقّةً في تشخيصه لنتائج هذه المعركة ، عندما قال "لا يمكننا العيش بين جولةٍ قتالٍ وأخرى، ولا يُمكن تحمّل قيام حزب الله آخَر في الجنوب".
ولا شكّ أن هذا الكلام بالإضافة الى كونه اعترافا بانتصار حركة "الجهاد الإسلامي" في الجولة الأخيرة، هو اعتراف جديد بقوة الحركة وبقدرتها على الدخول منفردة في مقارعة الاحتلال.
وقد أكّدت  المواجهة الأخيرة بما لا يدع مجالا للشك، أن سياسة "تجزئة الخصوم" التي يعتمدها الاحتلال فشلت في كسر سياسة "توحيد الجبهات" التي يعتمدها محور المقاومة وأن المواجهة الشاملة آتية لا محالة.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك