مع الشروق.. السعودية والاستدارة نحو الشرق

مع الشروق.. السعودية والاستدارة نحو الشرق

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/04/04

تتوالى الخطوات السعودية تجاه الصين، ليس فقط على المستوى الاقتصادي وإنما أيضا على المستوى السياسي والأمني، مما يعني أن الرياض تتّجه ربما لفك الارتباط و"التبعية" للغرب رويدا رويدا.
وكانت استضافة الرياض للقمة الصينية العربية، أولى خطوات السعودية نحو التنين الصيني و أكثر من ذلك نحو عالم متعدّد الأقطاب  قائم على الخيارات وعلى التوازنات بعيدا عن الغطرسة الغربية.
إضافة الى ذلك باتت الصين حليفا موثوقا للسعودية بالذات وهو ما جعل الرياض تفتح الباب أمامها للقيام بدور أكبر في المنطقة والقطع التعامل معها وفق التسويق الغربي على أنها عدو شيوعي.
فالصين  تعدّ في الوقت الراهن الشريك التجاري الأول للسعودية، حيث بلغت قيمة التجارة بين بكين والرياض في عام 2021 ما يناهز 80 مليار دولار، وتلقت السعودية في العام الماضي حوالي 5.5 مليارات دولار من الاستثمارات والعقود من خلال مبادرة الحزام والطريق الصينية.
كما تحدّثت الرياض مؤخرا عن توقيع اتفاق استراتيجية مشتركة مع الصينيين، تشمل اتفاقيات بما يزيد عن تسعة وعشرين مليار دولار أمريكي، وعشرات الاتفاقيات الاستثمارية في قطاعات الهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا المعلومات والنقل والبناء. والاتفاقيات الثنائية تشمل مشاريع مستقبلية مشتركة في مدينة "نيوم" السعودية التي تبلغ قيمة الاستثمارات فيها خمسمئة مليار دولار أيضا.
هذا التعاون الاقتصادي الضّخم يبدو أنه كان السبب في فتح باب أمام بكين للعب دور أكبر في الشرق الأوسط، وهو تمّ ترجمته فعليا عبر الوساطة الصينية في الجمع بين الرياض وطهران على طاولة واحدة وتوقيع اتفاق سلام.
ولعلّ أبرز ما تعنيه هذه الوساطة، هو دور الصين المتنامي كوسيط للسلام في منطقة لطالما تمتعت فيها الولايات المتحدة بالنفوذ وأغرقتها بالدماء حماية لطرف واحد وهو الكيان الصهيوني.
آخر وليس أخيرا خطوات الاستدارة السعودية نحو الشرق تمثّلت في موافقة مجلس الوزراء على قرار الانضمام إلى منظمة "شنغهاي" للتعاون، لتبني الرياض بذلك شراكة طويلة الأمد مع الصين على الرغم من المخاوف الأمنية الأمريكية.
منظومة "شنغهاي" التي تأسّست عام 2001 كمُنظّمة سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة، إلى جانب منظومة "بريكس" (الصين، روسيا، البرازيل، الهند، جنوب إفريقيا)، باتت اليوم فعليا البديل العملي لنظيراتها في العالم الغربي بزعامة أمريكا، مثل منظومة الدّول الثماني، وحلف النّاتو.
يحقّ للمملكة كقوة اقتصادية عالمية وكقوة إقليمية رئيسية في منطقة الشرق الأوسط أن تنوّع خياراتها وأن تلعب دورا رياديا يليق بها بعيدا عن النظرة الامريكية لها على أنها مجرّد "بقرة حلوب" تحت الحماية الأمريكية.
ولعلّ تجاوزها سياسة التخويف الامريكية القائمة على البعبع الإيراني ستكون لها ارتدادات واسعة في المنطقة وتصنع نوعا من السلام الشامل بعيدا عن أيادي التخريب الصهيو أمريكية.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك