مع الشروق.. قمّة العقبة والإرهاب الصهيوني

مع الشروق.. قمّة العقبة والإرهاب الصهيوني

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/02/28

مع فشله في احتواء العمليات الفردية للمقاومين الفلسطينيين، لم يجد الاحتلال مخرجا سوى الاستنجاد بأمريكا من أجل الجلوس مجدّدا مع السلطة الفلسطينية واعادة التنسيق معها في كبح جماح الضربات الموجعة التي تتلقاها.
الواضح أن قمة العقبة التي احتضنتها الأردن هي تتويج لمسار من الضغوطات التي مارستها الادارة الأمريكية من أجل وأد الانتفاضة الفلسطينية وتصفية المقاومين في كتائب جنين وعرين القدس وبلاطه ونابلس.
فمن جهة تريد واشنطن الهدوء من أجل تفرّغ الاحتلال لمشاكله الداخلية وخاصة فيما يتعلّق بالإصلاح القضائي التي تعتزم حكومة المتطرّف نتنياهو تمريره وهو ما أحدث حالة انقسام عارمة.
ومن جهة أخرى تريد اعادة الثقة للسلطة الفلسطينية القائمة وبالتالي اعادة سيطرتها الأمنية على المناطق التي تريدها وتقديم خدمات جليلة لسلطات الاحتلال حول الناشطين والمطلوبين لدى الكيان الصهيوني.
والأكيد في هذا كلّه أن هذه القمة وما يمكن أن ينبثق منها من اتفاقيات أمنية بحتة هي في خدمة الكيان الصهيوني الذي يأخذ ولا يعطي أبدا ولا يتراجع قيد أنملة عن مجازره الوحشية وعن مخططاته الاستيطانية.
حتى أن هذه القمّة "المُريبة" تأتي بعد ارتِكاب قوّات الجيش الإسرائيلي مجزرةً في مدينة نابلس قبل بضعة أيّام أسفرت عن استِشهادِ 11 شخصًا من قوّات "عرين الأسود"، علاوة  على أطفال ومُسنّين مدنيين.
وبعد هذه القمة أيضا، استباح مئات المستوطنين الصهاينة بشكل منظم بيوت وممتلكات الفلسطينيين وحرقوا عشرات المنازل والسيارات بحماية ومشاركة قوات الاحتلال الاسرائيلي.
لا ندري حقيقة طبيعة السياسة والمنطق النضالي التي تتّبعه السلطة الفلسطينية في التعامل مع جرائم هذا الكيان المحتلّ التي تستمرّ في مهادنته دون وجه حق بينما يسفك هو دماء الشهداء الفلسطينيين الزكية بشكل يكاد يكون يوميا.
ماذا ربحت فلسطين ككل والسلطة القائمة خاصة من اتفاقية اوسلو ومن الاتفاقيات الأمنية مع الكيان الصهيوني، حتى تتمّ المواصلة في هذا النهج من المهادنة ان لم نقل الحماية لهذا المحتل الذي لن يرجع ما أخذه بالقوة إلا بالقوة؟
ولماذا لا تلتفّ السلطة الفلسطينية حول أبناء شعبها في رؤيتهم للنضال الحقيقي ضدّ هذا الكيان الغاشم الذي هو أوهن من بيت العنكبوت ويقف اليوم على أعتاب الانهيار بسبب أزماته وصراعاته الداخلية؟
لقد حان الوقت الحقيقي لبلورة سياسات نضالية جديدة ضدّ هذا الكيان الصهيوني المجرم الذي لم يردعه أي شيء طوال العقود الماضية وهو ماض وموغل في جرائمه الوحشية وفي بؤره الاستيطانية دون هوادة، فأي سلام ممكن معه؟
إن السلام الذي يقوم على أن يأخذ فيه المظلوم الضعيف العاجز حقّه من القوي المستبد المجرم عبر الحوار وعبر التهدئة هو عملية عبثيّة لا طائل منها بل وتشجّع الكيان الصهيوني على الإيغال في مخططاته وجرائمه لأنّه يعرف أنه فوق المحاسبة.
على السلطة الفلسطينية أن تراجع حساباتها في أمرين مهمّين لمصلحتها ولمصلحة الشعب الفلسطيني، علاقاتها واتفاقاتها العبثية مع الكيان الصهيوني حتى لا تصبح كونها الحامي له أولا، وفهم ارادة الشباب الفلسطيني الذي يخيّر المواجهة على مزيد الذلّ.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك